للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ. . .} [الزمر: ٦٥]، أي: لم تدعهم إلا إلى ما تدعو إليه جميع الأنبياء فلا معنى لإنكارهم عليك (١).

قلت ذلك: لأن ما من نبي أرسله الله تعالى إلا دعاهم بإخلاص العبادة لله - عز وجل - وهذا هو أصل الدين، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء: ٢٥]. وكانت هي على لسان كل نبي إلى قومه كما قال تعالى: {يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [هود: ٥٠]. فهذا هو الأصل الذي جاء به كل نبي الذي جاء به كل رسول ولكن التفصيل وبيان المنهج في الدعوة والتشريع فهذا لكل نبي مع قومه.

[الوجه الثاني: بيان أن أصل الدين واحد والدليل على اختلاف الشرائع.]

وهذا يكون في ثلاثة مباحث:

[المبحث الأول: إن الدين عند الله الإسلام.]

الرسالات التي جاء بها الأنبياء جميعًا منزلة من عند الله العليم الحكيم الخبير، ولذلك فإنها تمثل صراطًا واحدًا يسلكه السابق واللاحق، ولذا فإننا نجد الإسلام هو الدين الذي دعت إليه الرسل جميعًا من لدن آدم حتى تقوم الساعة قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩].

فهو دين نوح - عليه السلام - حيث قال الله تعالى على لسان نبيه نوح - عليه السلام -: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: ٧٢]. وهو دين إبراهيم - عليه السلام - قال تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١)} [البقرة: ١٣١]. وقال تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)} [آل عمران: ٦٧]. وقال تعالى على لسان نبيه إبراهيم: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)} [البقرة: ١٢٨]. ووصى بها قبل موته حيث قال الله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٥/ ٣٥١)، وفتح القدير (٤/ ٧٢)، وفتح البيان (١٢/ ٢٦٠)، والمحرر الوجيز (٥/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>