من مثل قول الله تعالى:{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ}(المائدة: ٤٣) وقوله: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ}(المائدة: ٤٧).
والجواب عن هذه الشبهة من هذه الوجوه:
الوجه الأول: بيان سبب نزول الآيات.
[١ - نزلت عامة]
قال ابن كثير: نزلت هذه الآيات الكريمات في المسارعين في الكفر، الخارجين عن طاعة الله ورسوله، المقدمين آراءهم وأهواءهم على شرائع الله - عز وجل -: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ} أي: أظهروا الإيمان بألسنتهم، وقلوبهم خراب خاوية منه، وهؤلاء هم المنافقون. {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا} أعداء الإسلام وأهله. وهؤلاء كلهم {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} أي: يستجيبون له، منفعلون عنه {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} أي: يستجيبون لأقوام آخرين لا يأتون مجلسك يا محمد. وقيل: المراد أنهم يتسمعون الكلام، ويُنْهُونه إلى أقوام آخرين ممن لا يحضر عندك، من أعدائك {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} أي: يتأولونه على غير تأويله، ويبدلونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا}. (١)
[٢ - نزلت في قضية القتل التي حدثت في اليهود]
قيل: نزلت في أقوام من اليهود، قتلوا قتيلا وقالوا: تعالوا حتى نتحاكم إلى محمد، فإن أفتانا بالدية فخذوا ما قال، وإن حكم بالقصاص فلا تسمعوا منه.