للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شريعة موسى فهلا احتجوا عليه بذلك، ولو احتجوا لشاع نقل ذلك فدلى على أنه قول ابتُدع بعد نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -. (١)

قال الآمدي: ويدل على ذلك أن أحبارهم ككعب الأحبار، وابن سلام، ووهب بن منبه وغيرهم كانوا أعرف من غيرهم بما في التوراة، وقد أسلموا ولم يذكروا شيئًا من ذلك: ولو كان ذلك صحيحًا لكان من أقوى ما يتمسك به اليهود في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - في معارضته، ولم ينقل عنهم شيء من ذلك، ثم إنهم مختلفون في نفس متن الحديث، فإن منهم من قال الحديث: إن أطعتموني لما أمرتكم به، ونهيتكم عنه، ثبت ملككم، كما ثبتت السموات والأرض. وليس في ذلك ما يدل على إحالة النسخ (٢).

[الوجه الثالث: على القول بصحته فلا تعارض.]

قال الآمدي: وإن سلمنا صحة ما نقلوه، فيحتمل أنه أراد بالشريعة؛ التوحيد. ويحتمل أنه أراد بقوله (مؤبدة) ما لم تنسخ بشريعة نبي آخر، ومع احتمال هذه التأويلات، فلا يعارض قوله ما ظهر على يد النبي - صلى الله عليه وسلم - من المعجزات القاطعة الدالة على صدقه في دعواه الرسالة ونسخ شريعة من تقدم (٣).

[الوجه الرابع: التأبيد في التوراة لم يرد به الدوام.]

قال الآمدي: كيف وإنَّ لفظ التأبيد قد ورد في التوراة، ولم يرد به الدوام، كقوله: إن العبد يستخدم ست سنين، ثم يعتق في السابعة، فإن أبى العتق، فلتثقب أذنه ويستخدم أبدًا. وكقوله في البقرة التي أُمِروا بذبحها: هذه سنة لكم أبدًا، وكقوله: قربوا كل يوم خروفين قربانا دائمًا، (هذه سنة لكم أبدًا) وكقوله: (قربوا كل يوم خروفين قربانًا دائمًا)، مع أن هذه الأحكام قد نسخت باعتراف اليهود أنفسهم، على رغم التصريح فيها بما يفيد


(١) نواسخ القرآن (٨٢).
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (٣/ ١١٤)، مناهل العرفان (٢/ ١٦٩).
(٣) الإحكام في أصول الأحكام (٣/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>