للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - هو أن يعزم على المواقعة ثم يرجع عنها مقلعًا وقد روى عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إِنْ تَغْفِرِ اللهمْ تغفر جَمًّا. . . وَأَي عَبْدٍ لَكَ لَا أَلمَّا. (١)

٤ - أن اللمم ما دون الوطء من القبلة والغمزة والنظرة والمضاجعة، قاله ابن مسعود.

٥ - أن اللمم الصغائر من الذنوب.

٦ - أن اللمم ما لم يجب عليه حد في الدنيا ولم يستحق عليه في الآخرة عذاب، قاله ابن عباس، وقتادة.

٧ - أن اللمم النظرة الأولى فإن عاد فليس بلمم، قاله بعض التابعين.

٨ - أن اللمم النكاح، قاله أبو هريرة. (٢)

[الوجه الثالث: ليس في الآية دليل على الإباحة.]

ليس معنى الآية أيها المؤمنون لا تفعلوا الكبائر، وافعلوا اللمم الذي هو المباشرة والقبلة والغمزة، إنما هي بمعنى الاستثناء المنقطع، فعلى هذا يكون معنى الكلام: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم الذي ألموا به من الإثم والفواحش في الجاهلية قبل الإسلام، فإن الله قد عفا لهم عنه فلا يؤاخذهم به.

وهذا ما اختاره ابن جرير: ووجّه معنى الكلام إلى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} بما دون كبائر الإثم، ودون الفواحش الموجبة للحدود في الدنيا، والعذاب في الآخرة، فإن ذلك معفوّ لهم عنه، وذلك عندي نظير قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (٣١)} [النساء: ٣١]، فهذا استثناء منقطع لأن اللمم من صغائر الذنوب ومحقرات الأعمال، وعد جلّ ثناؤه باجتناب الكبائر، العفو عما دونها من السيئات، وذلك هو اللمم، والله جل ثناؤه أكرم من أن يعود فيما قد عفا عنه (٣).


(١) أخرجه الترمذي (٣٢٨٤) وقال: حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٢٦١٨)، ومشكاة المصابيح (٢٣٤٩).
(٢) تفسير الماوردي (٥/ ٤٠٠ - ٤٠١).
(٣) تفسير الطبري (١٣/ ٦٨)، وابن كثير (٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>