للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦)} (النساء ١٧٦) فما هضم الله عز وجل حق المرأة في كتابه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" (١).

٣ - حق المرأة كزوجة، ويتضمن أمورًا:

١ - إعطائها المهر: قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (النساء: ٤).

الصدقات جمع، الواحدة صدقة. قال الأخفش: وبنو تميم يقولون صدقة والجمع صدقات، وإن شئت فتحت وإن شئت أسكنت. قال المازني: يقال صداق المرأة بالكسر ولا يقال بالفتح. وحكي يعقوب وأحمد بن يحيى بالفتح عن النحاس. والخطاب في هذه الآية للأزواج؛ أمرهم الله تعالى بأن يتبرعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم. فهذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة، وهو مجمع عليه لا خلاف فيه.

وأجمع العلماء أيضا: أنه لا حد لكثيره، واختلفوا في قليله؛ فلذلك أبقى النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوب المهر كما كان ولم يضبطه بحد إذ العادات في إظهار الاهتمام مختلفة والرغبات لها مراتب شتى (٢). وروي أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تزوجت امرأة" فقال: ما أصدقتها؟ " قال: "وزن نواة من ذهب" فقال: بارك الله لك؟ أولم ولو بشاة" (٣). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "خير النكاح أيسره"، وفي رواية "خير الصداق أيسره" (٤)، فكانوا لا ينكحون إلا بصداق، لأمور بعثتهم على ذلك وكان فيه مصالح منها: أن النكاح لا تتم فائدته إلا بأن يوطن كل واحد نفسه على المعاونة الدائمة، ويتحقق ذلك من جانب المرأة بزوال أمرها من يدها، ولا جائز أن يشرع زوال أمره أيضًا من يده، وإلا أنسد باب الطلاق، وكان أسيرًا في يدها كما أنها عانية بيده، وكان الأصل أن يكونوا قوامين على النساء، ولا جائز أن يجعل أمرهما إلى القضاة؛ فإن مراجعة القضية إليهم فيها حرج، وهم


(١) البخاري (٢٥٨٧).
(٢) تفسير القرطبي (٥/ ٢٧)، حجة الله البالغة (٢/ ٢٣٣).
(٣) أخرجه البخاري (٥١٤٨)، ومسلم (١٣٦٥).
(٤) أبو داود (٢١١٧)، وابن حبان (١٢٥٧)، والحاكم (٢/ ١٨٢)، صحيح الجامع (٣٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>