للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَالَمِينَ}، ثم يكفر منهم بعد ذلك فلا يعذّبه، فلا يكون لوعده ولا لوعيده حقيقة ولا صحة. وغير جائز أن يوصف ربنا - تعالى ذكره - بذلك (١).

قال ابن كثير بعدما ذكر الخلاف: ولكن الذي عليه الجمهور أنها نزلت، وهو الذي اختاره ابن جرير، قال: لأنه - تعالى - أخبر بنزولها بقوله تعالى: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}، قال: ووعد الله ووعيده حق وصدق، وهذا القول هو - والله أعلم - الصواب، كما دلت عليه الأخبار والآثار عن السلف وغيرهم. (٢)

قال القرطبي: واختلف العلماء في المائدة هل نزلت أم لا؟ فالذي عليه الجمهور - وهو الحق - نزولها لقوله - تعالى -: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ}. (٣)

[الوجه الرابع: المائدة ليست القرابين التي يقدمونها في كل قداس كما يزعمون.]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قالوا: ثم مدح قرابيننا، وتوعدنا إن أهملنا ما معنا، وكفرنا بما أنزل إلينا أن يعذبنا عذابًا أليمًا لم يعذبه أحدًا من العالمين بقوله ذلك في سورة (المائدة: ١١٢ - ١١٥)، فالمائدة هي القربان المقدس الذي يتقرب به في كل قداس.

والجواب أن يقال: هذا كذب ظاهر على القرآن في هذا الموضع كما كذبتم عليه في غير هذا الموضع؛ فإنه ليس في الآيات ذكر قرابينكم البتة، وإنما فيه ذكر المائدة التي أنزلها الله تعالى في عهد المسيح - عليه السلام -. وقولهم المائدة هي القربان الذي يتقرب به في كل قداس هو:

أولًا: قول لا دليل عليه.

وثانيًا: هو قول معلوم الفساد بالاضطرار من دين المسلمين الذين نقلوا هذا القرآن عن محمد لفظه ومعناه، فإنهم متفقون على أن المائدة مائدة أنزلها الله من السماء على عهد المسيح


(١) تفسير الطبري (٧/ ١٣٥).
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٢٨٧).
(٣) تفسير القرطبي (٦/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>