للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشرية من أهله ومن المؤمنين به تكفيه ليقف في وجه الظلم والطغيان الذي لا يحترم ضعيفًا. ألم تقرأ قول الظالمين لسيدنا شعيب: {قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: ٩١].

وكما كان بنو هاشم للنبي - صلى الله عليه وسلم - حماةً وسندًا.

وأما لوط - عليه السلام - فلم يبعث في قومه، وإنما بعث في مكان هجرته من أرض الشام، فكان غريبًا في القوم الذين بعث فيهم، إذ لم يكن له فيهم عشيرة، لذلك عندما خاف - عليه السلام - أن يوقع قومه الفضيحة بأضيافه تمنى أن لو كان بين عشيرته ليمنعوه، وهذا من باب طلب الأسباب، وهو طلب مشروع كما لا يخفى.

يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - مؤكدًا هذا المعنى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - في قَوْلِ لُوطٍ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: ٨٠] قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كَانَ يأوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ". قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فَما بُعِثَ بَعْدَهُ نبي إِلَّا في ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ" (١).

[الوجه العاشر: معنى (أو) عند الكوفيين.]

ويجوز على رأي الكوفيين أن تكون أو بمعنى بل، ويكون قد أضرب عن الجملة السابقة وقال: بل آوى في حالي معكم إلى ركن شديد، وكنى به عن جناب الله تعالى. (٢)

[الوجه الحادي عشر: لوط في الكتاب المقدس.]

[لوط كما يزعم هؤلاء يزني بابنتيه فاللهم إنا نبرأ إليك مما قالوه]

وأما لوط - عليه السلام - النبي الذي حارب الشذوذ، فتذكر التوراة أنه لما أهلك الله قومه لجأ إلى مغارة مع ابنتيه فسقتاه الخمر، وضاجعتاه، ولم يعلم بذلك، وولد من هاتين الفاحشتين عمي ومؤاب، ومنهما انحدر العمويون والمؤابيون أعداء بني إسرائيل، فاسمع إلى السفر:


(١) حسن. أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ٢٨٤، والبخاري في الأدب المفرد (٦٠٥)، والترمذي في سننه (٣١١٦)، الطبري في تفسيره ١٢/ ٨٧، ابن أبي حاتم في تفسيره (١١٠٧٦) من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به. والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع (٣٤٩٩).
(٢) البحر المحيط ٥/ ٢٤٧، روح المعاني ١٢/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>