ومن دخل فيه عرف حقيقته، وذاق حلاوته، فإذا خرج منه وارتد عنه بعد دخوله فيه وإدراكه له كان في الواقع خارجًا عن الحق والمنطق، ومتنكرًا للدليل والبرهان، وحائدًا عن العقل السليم، والفطرة المستقيمة، والإنسان حين يصل إلى هذا المستوى يكون قد ارتد إلى أقصى درجات الانحطاط، ووصل إلى الغاية من الانحدار والهبوط، ومثل هذا الإنسان لا ينبغي المحافظة على حياته، ولا الحرص على بقائه، لأن حياته ليست لها غاية كريمة ولا مقصد نبيل، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن الإِسلام كمنهج عام للحياة، ونظام شامل للسلوك الإنساني لا غنى له من سياج يحميه وردع يقيه، فإن أي نظام لا قيام له إلا بالحماية والوقاية، والحفاظ عليه من كل ما يهز أركانه، ويزعزع بنيانه، ولا شيء أقوى في حماية النظام ووقايته من منع الخارجين عليه، لأن الخروج عليه يهدد كيانه، ويعرضه للسقوط والتداعي، إن الخروج على الإِسلام والارتداد عنه إنما هو ثورة عليه، والثورة عليه ليس لها من جزاء إلا الجزاء الذي اتفقت عليه القوانين الوضعية فيمن خرج على نظام الدولة وأوضاعها المقررة، إن أي إنسان سواء كان في الدولة الشيوعية أم الدول الرأسمالية، إذا خرج على نظام الدولة، فإنه يتهم بالخيانة العظمى ببلاده، والخيانة العظمى جزاؤها الإعدام للمرتدين؛ منطقي مع نفسه، ومتلاقٍ مع غيره من النظم. (١)