للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتقدمة، ويحرم علينا أن نقول: اللَّه كالأسد؛ فليس هناك أي علاقة تشابة في الصفات بين اللَّه عز وجل وبين مخلوقاته، وقد يكون هناك تشابه في الأسماء ولكن الاسم غير المسمى.

قال محمد محمد معافي المهدلي:

يمكننا مما سبق من كلام علماء اللغة والتفسير في المراد بالتماثل في قوله تعالى: {إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} وبجمع أقوالهم في الآية يتبين لنا أن المراد بالتماثل بين الدواب والإنسان إنما هو في بعض الجوانب وليس المراد هو التماثل التام من كل وجه؛ إذ لو وقع هذا لكان الإنسان حيوانًا كسائر الحيوانات، وهو محال عقلًا وشرعًا. أما عقلًا فمعلوم وأما شرعًا فإن اللَّه عز وجل قد كرم بني آدم على سائر الكائنات وفضلهم على كثير من خلقه كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء: ٧٠).

ولو قلنا بالتماثل من كل وجه لقلنا برفع التكليف عن بني آدم شأنهم في ذلك شأن البهائم والدواب؛ وهو محال شرعًا، وإنما المراد -واللَّه أعلم- هو التماثل والتشابه السلوكي، والخلقي، والطبعي كما قال الإمام الخطابي، والقرطبي، والشوكاني، وغيرهم. . . فسمى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الكلاب أمة من الأمم أي: في الخلق، والتدبير، والأفعال، والأعمال، والسلوكيات، ومحال تماثل الكلب لكل الأمم من كل الوجوه (١).

الوجه السابع: هذه الآية لا تتعارض مع قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} بل هناك علاقة بينهما.

وتتضح العلاقة بأن اللَّه كما خلقكم فخلقهم، وكما أكرمكم فأكرِموهم، فاللَّه كرم بني آدم وفضله على الحيوانات، ولكن ليس معنى ذلك أنه يسطو عليهم، والأدلة في القرآن والسنة على ذلك كثيرة، فقد دخلت امرأة النار في قطة حبستها (٢)، ودخلت امرأة الجنة في


(١) من مقال: (أممية الحيوانات)؛ موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (www.٥٥ a.net).
(٢) صحيح البخاري (٣٢٩٥)، صحيح مسلم (٢٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>