القسم التاسع: نصوص تفيد أن المعجزات التي كان يصنعها المسيح -عليه السلام- لم يكن يفعلها بقوته الذاتية المستقلة بل كان يستمدها من الله، ويفعلها بقوة الله: أي أن الفاعل الحقيقي لها كان الله - عز وجل -، الذي أظهرها علي يدي المسيح -عليه السلام- لتكون شاهدًا له على صحة نبوته.
(١) من المعروف أن معجزة إحياء الموتى، كانت أحد أعظم معجزات السيد المسيح -عليه السلام-، فهل كان يفعلها بقوته الذاتية؟ أبدًا. فها هو إنجيل يوحنا يروي لنا معجزة إحياء المسيح لشخص مضى على وفاته أربعة أيام يدعى "عازر"، فيبين بوضوح أن هذه المعجزة ما حصلت إلا بعد أن تضرع المسيح لله -عز وجل- وطلب منه تحقيق هذه المعجزة؛ ليؤمن الناس به ويصدقوا أن الله تعالى أرسله، فسمعه الآب (الله) واستجاب له وأعطاه تلك المعجزة العظيمة. وإليك نص عبارته كما جاءت في يوحنا (١١/ ٤١ - ٤٤): "فَرَفَعُوا الحْجَرَ حَيْثُ كَانَ الميْتُ مَوْضُوعًا، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَال: "أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأنكَ سَمِعْتَ لِي، وَأَنا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الجمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنكَ أَرْسَلْتَنِي". وَلمَّا قَال هذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا! فَخَرَجَ الميتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاه مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيل. فَقَال لَهُمْ يَسُوعُ:"حُلّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ"". وكذلك روى متى ولوقا في إنجيليهما عن المسيح -عليه السلام- أنه إنما كان يخرج الشياطين من المصروعين والمجانين لا بقوته الذاتية ولكن بروح الله أو بإصبع الله. ففي إنجيل متى (١٢/ ٢٤ - ٢٨): "أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمّا سَمِعُوا قَالوا: "هذَا لَا يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلَّا بِبَعْلزَبولَ رئيسِ الشَّيَاطِينِ". فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، وَقَال لَهُمْ: "كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لَا يَثْبُتُ. فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ وَإِنْ كُنْتُ أَنا بِبَعْلزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتكمْ! وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أنَّا بِرُوحِ الله أُخْرِجُ
(١) انظر كتاب الله جل جلاله واحد أو ثلاثة ١/ ٨٢، والأناجيل والعقيدة لبهاء النحال ١/ ٩٧.