الرَّبُّ يَسْمَعُ عِنْدَ مَا أَدْعُوهُ." (المزمور ٤/ ١ - ٣)، فخلاصه عليه السلام هو المجد الذي لم يؤمن به النصارى، واعتبروه عليه السلام لعنة وعارًا، لكنه كذب وباطل، فقد سمع الله دعاء تقيه ومسيحه.
سادسًا: المزمور التاسع والستون (نبوءة عن يهوذا المصلوب، صاحب الحماقات والذنوب).
وهذا المزمور نبوءة أخرى تتناول حادثة الصلب، وهو نبوءة متحدثة عن حادثة الصلب، فقد اقتبس منه كُتّاب الأناجيل، ورأوا فيه نبوءة عن المصلوب، تحققت -حسب رأيهم- في المسيح حين صلب، يقول يوحنا: "٢٨ بَعْدَ هذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ، فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَال:"أَلا عَطْشَانُ". ٢٩ وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضوعًا مَمْلُوًّا خلًّا، فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ، وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ. ٣٠ فَلَمّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَال:"قَدْ أُكْمِلَ". وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ." (يوحنا ١٩/ ٢٨ - ٣٠)، أي كملت النبوءات والكتب، ومقصده ما جاء في الفقرة الحادية والعشرين من هذا المزمور، وفيها: "٢١ وَيَجْعَلُونَ فِي طَعَامِي عَلْقَمًا، وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلًّا.".
وأيضًا استشهد فيه بطرس في خطبته عن يهوذا، فقال: "٢٠ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَابًا وَلَا يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ. وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آخَرُ." (أعمال ١/ ٢٠).
فقول بطرس عن يهوذا: "لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَابًا وَلَا يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ" اقتبسه بطرس من الفقرة الخامسة والعشرين في هذا المزمور: "٢٥ لِتَصِرْ دَارُهُمْ خَرَابًا، وَفِي خِيَامِهِمْ لَا يَكُنْ سَاكِنٌ" (المزمور ٦٩/ ٢٥).
يقول جامع تفسير أعمال الرسل من كتابات الآباء: "الروح القدس بفم داود قد تنبأ عن يهوذا في المزمورين ٦٩ و ١٠٩". (١)
فالمزمور نبوءة عن المصلوب بشهادة يوحنا، وهو في نفس الوقت نبوءة عن يهوذا الخائن بشهادة بطرس والمفسرين، أليس في هذا ما يستحق وقفة عند المؤمنين بصدق
(١) تفسير أعمال الرسل، جون ويسلي وآخرون (١١)، فقوله: "٢٠ لأنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَابًا وَلَا يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ. وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آخَرُ. "إحالة إلى فقرتين من هذين المزمورين (انظر ٦٩/ ٢٥ و ١٠٩/ ٨)، وانظر: الإنجيل بحسب القديس متى (دراسة وتفسير وشرح)، الأب متى السكين (٥٧٨).