لقد وصف المزمور المصلوب بأنه "فَدُودَةٌ لَا إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحتقَرُ الشَّعْبِ" فمَن هو هذا اليائس الموصوف بأنه دودة، وأنه عار عند البشر، وأنه محتقر، وأنه لا يستجاب له؟
إنه يهوذا، حيث جعلتْه خستهُ وخيانتهُ كالدودة الحقيرة، وأصبح عارًا على البشر، كلَّ البشر، المسلمين واليهود والنصارى، بل وحتى البوذيين وغيرهم، لأنه خائن، والخيانة خسة وعار عند كل أحد، يحتقره الشعب، ولا يستجيب الله دعاءه.
والعجب لمن يصر على أن النبوءة عن المسيح، إذ كيف يوصف المسيح بالدودة والعار، وهو مجد وفخر للبشر؛ بل العار هو يهوذا.
ونلحظ أن النص يصف المصلوب بالدودة لمكانته عند الله، ويتضح هذا لمن تأمل المقابلة التي يجريها النص بين الآباء المقبولين عند الله، الذين يدعون الله فيستجيب لهم، وفي مقابل هؤلاء يقول المصلوب: ٦١١ أَمَّا أنا فَدُودَةٌ لَا إِنْسَانٌ .... "، فهو دودة محتقرة عند الله الذي لا يستجيب دعاءه، ولا يقبله كما قبِل آباءه من قبل.
كما لا يفوتنا التنبيه على أن النص وصف المصلوب بالعار، ليس فقط عند جلاديه وأعدائه، بل عند البشر جميعًا، في كل أجيالهم، وجميع مِللهم، ولا يمكن أن يكون المسيح كذلك، بل تفخر البشرية أن فيها مثل هذا الرجل العظيم الذي اصطفاه الله برسالته ووحيه.
كما نلحظ أن كلمة "عار" تلحق بالشخص نفسه، لا الصلب الواقع عليه، فهو العار، وهو الدودة، وحاشا للمسيح العظيم أن يكون دودة أو عارًا عليه السلام.
لقد مجد الله المسيح فلم يكن عارًا، بل كان فخرًا وعزًا، وإن تاهت عنه عيون البعض، فرأوا مجده عارًا، ونجاته خزيًا، لقد غفلوا عن النبوءة القائلة: "١ عِنْدَ دُعَائِيَ اسْتَجِبْ لِي يَا إِلهَ بِرِّي. فِي الضِّيقِ رَحَّبْتَ لِي. تراءَفْ عَلَيَّ وَاسْمَعْ صَلَاتِي. ٢ يَا بَنِي الْبَشَرِ، حَتَّى مَتَى يَكُونُ مَجْدِي عَارًا؟ حَتَّى مَتَى تُحِبُّونَ الْبَاطِلَ وَتَبْتَغُونَ الْكَذِبَ؟ سِلَاهْ. ٣ فَاعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ قَدْ مَيَّزَ تَقِيَّهُ.