للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن الرواية التي في المزمور توافق رواية الصلب في صراخ المصلوب: " إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ " (متى ٢٧/ ٤٦)، (مرقس ١٥/ ٣٤).

ويوافق نص المزمور ما جاء في الأناجيل في بيان حال المصلوب" ٣٩ وَكَانَ المُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ ٤٠ قَائِلِينَ: "يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ الله فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ! ". ٤١ وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالوا: ٤٢"خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ! ٤٣ قَدِ اتَّكَلَ عَلَى الله، فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَال: أَنَا ابْنُ الله! "." (متى ٢٧/ ٣٩ - ٤٣). فهذا يشبه ما جاء في هذا المزمور "وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ. ٧ كُلُّ الَّذِينَ يَرَوْنَنِي يَسْتَهْزِئُونَ بِي. يَفْغَرُونَ الشِّفَاهَ، وَيُنْغِضُونَ الرَّأْسَ قَائِلِينَ: ٨"اتَّكَلَ عَلَى الرَّبِّ فَلْيُنَجِّهِ، لِيُنْقِذْهُ لأَنَّهُ سُرَّ بِهِ".".

كما يوافق النص الأناجيلَ كرّة أخرى في قوله: "جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ. ١٧ أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي"، فهي عبارة تدل على أخذ المصلوب يوم سُمرت يداه ورجلاه على الصليب.

لهذا كله كان إجماع النصارى على أن هذا المزمور نبوءة عن حادثة الصلب، خاصة أن داود لم يمت مصلوبًا، فهو إذن يتحدث عن غيره.

والحق أن المزمور نبوءة عن المصلوب، لكنه ليس عيسى عليه السلام، بل هو الخائن يهوذا الأسخريوطي، فنراه وهو جزع، يائس، يصرخ: "إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ "، بينما المسيح عليه السلام يخبرنا أن الله يستجيب له دومًا" ٤٢ وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي." (يوحنا ١١/ ٤٠)، ويؤكده كاتب رسالة العبرانيين بقوله: "٧ الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ المُوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ" (عبرانيين ٥/ ٧).

المزمور نبوءة عن المصلوب اليائس الذي يدعو فلا يستجاب له"٢ إِلِهي، فِي النَّهَارِ أَدْعُو فَلَا تَسْتَجِيبُ، فِي اللَّيْلِ أَدْعُو فَلَا هُدُوَّ لِي ... ٤ عَلَيْكَ اتَّكَلَ آبَاؤُنَا. اتَّكَلُوا فَنَجَّيْتَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>