نظامًا سياسيًا راقيًا، إنما كانت في طور الانتقال من عهد الهمجية إلى عهد الحضارة، ومنها شعوب لا تزال في طور البداوة والطفولة العقلية.
سادسًا: الهند: أما الهند فقد اتفقت كلمة المؤلفين في تاريخها على أن أَحَط أدوارها ديانة وخلقًا واجتماعًا ذلك العهد الذي يبتدئ من مستهل القرن السادس الميلادي، قد ساهمت الهند جاراتها وشقيقاتها في التدهور الخلقي والاجتماعي، الذي شمل الكرة الأرضية في هذه الحقبة من الزمن وأخذت نصيبًا غير منقوص من هذا الظلام الذي مد رواقه على المعمورة، وامتازت عنها في ظواهر وخلال، يمكن أن نلخصها في ثلاث:
(١) كثرة المعبودات والآلهة كثرة فاحشة.
(٢) الشهوة الجنسية الجامحة.
(٣) التفاوت الطبقي المجحف والامتياز الاجتماعي الجائر.
أولًا: كثرة المعبودات والآلهة كثرة فاحشة -الوثنية المتطرفة-: قد بلغت الوثنية أوجها في القرن السادس، فقد كان عدد الآلهة في "ويد" ثلاثة وثلاثين، وقد أصبحت في هذا القرن ٣٣٠ مليون، وقد أصبح كل شيء رائع وكل شيء جذاب وكل مرفق من مرافق الحياة إلهًا يعبد، وهكذا جاوزت الأصنام والتماثيل والآلهة والإلاهات الحصر وأربت على العد، فمنها أشخاص تاريخية، وأبطال تمثل فيهم الله -زعموا- في عهود وحوادث معروفة، ومنها جبال تجلى عليها بعض آلهتهم، ومنها معادن كالذهب والفضة تجلى فيها إله، ومنها نهر الكنج الذي خرج من رأس "مهاديو" الإله، ومنها آلات الحرب وآلات الكتابة وآلات التناسل وحيوانات أعظمها البقرة والأجرام الفلكية وغير ذلك، وأصبحت الديانة نسيجًا من خرافات وأساطير وأناشيد وعقائد وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يستسغها العقل السليم في زمن من الأزمان.
ثانيًا: الشهوة الجنسية الجامحة: وأما الشهوة فقد امتازت بها ديانة الهند ومجتمعها منذ العهد القديم، فلعل المواد الجنسية والمهيجات الشهوية لم تدخل في صميم ديانة بلاد مثل ما دخلت