للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل على جملة الدنيا وما فيها؛ فضلًا عن هذا النزر اليسير فلم وردت الشريعة المحمدية بذلك ولم لم تحتم القتل درءًا لمفسدة الكفر؟ .

ولما كان أخذ المال على مداومة الزنا أو غيره من المفاسد ثمرته مجرد أخذ الدراهم الذي هو مصلحة حقيرة لا تعادل المداومة على المفسدة العظيمة التي هي معصية اللَّه تعالى - لم يقع قي الشريعة بل منعته من حيث إنه مفسدة صرفة فهذا هو الفرق بين القاعدتين، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم. (١)

[وتظهر حكمة الدعوة في تشريع الجزية من جانبين]

الأوّل: الصّغار الّذي يلحق أهل الذّمّة عند دفع الجزية، والسبب فيه أن طبع العاقل ينفر عن تحمل الذل والصغار، فإذا أمهل الكافر مدة وهو يشاهد عز الإسلام، ويسمع دلائل صحته، ويشاهد الذل والصغار في الكفر - فالظاهر أنه يحمله ذلك على الانتقال إلى الإسلام، فهذا هو المقصود من شرع الجزية. (٢)

والثاني: ما يترتّب على دفع الجزية من إقامة في دار الإسلام، واطّلاع على محاسنه.

وقال الحطّاب - في بيان الحكمة -: الحكمة في وضع الجزية أنّ الذّلّ الّذي يلحقهم (٣) يحملهم على الدّخول في الإسلام مع ما في مخالطة المسلمين من الاطّلاع على محاسن الإسلام. (٤)

وبهذا التقرير نعلم أن أخذ الجزية من باب دفع أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما، ويحصل أعلى المصلحتين بتفويت أدناهما. (٥)


(١) تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية (٣/ ١٧).
(٢) مفاتيح الغيب للرازي (١/ ٢٢٠٢).
(٣) المقصود هو الذل الحاصل بسبب دفعهم الجزية لأهل دين لا يؤمنون به.
(٤) نقلًا عن الموسوعة الفقهية الكويتية تحت مصطلح جزية.
(٥) المنثور في القواعد للزركشي (١/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>