للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨ - شبهة: هل الوصف بكان في حق اللَّه يفيد انقطاع الصفة للماضي؟

[نص الشبهة]

لماذا ذكر اللَّه في كثير من سور القرآن لفظ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (٤)}، {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢١)} وغيرها في صيغة الماضي، التي تدل على انقضاء زمن الفعل؟

والرد من وجوه:

[الوجه الأول: التعريف بعمل كان.]

[التعريف بمعاني (كان الناقصة)]

قال الرضي: كان تكون ناقصة بمعنيين:

أحدهما: ثبوت خبرها مقرونًا بالزمان الذي تدل عليه صيغة الفعل الناقص، إما ماضيًا، أو حالًا، أو استقبالًا، فكان للماضي ويكون للحال أو للاستقبال.

وذهب بعضهم إلى أن (كان) يدل على استمرار الخبر في جميع الزمن الماضي، وشبهته قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (١٣٤)} (النساء: ١٣٤)، وذهل عن أن الاستمرار استفاد من قرينة وجوب كون اللَّه سميعًا بصيرًا، لا من لفظ (كان)، ألا ترى أنه يجوز: (كان زيد نائمًا نصف ساعة فاستيقظ)، وإذا قلت: (كان زيد ضاربًا) لم يفد الاستمرار، وقول المصنف (دائمًا أو منقطعًا) رد على هذا القائل، يعني يجئ دائمًا كما في الآية، ومنقطعًا كما في قولك (كان زيد نائمًا)، ولم يدل لفظ كان على أحد الأمرين، بل ذاك إلى القرينة.

والمعنى الثاني: أن يكون بمعنى صار، وهو قليل بالنسبة إلى المعنى الأول.

قال عمرو بن أحمر (من الطويل):

بتيهاء قفر والمطى كأنها قطا الحزن ... قد كانت فراخًا بيوضها. (١)

قال السيوطي: كان: فعل ناقص متصرف، يرفع الاسم، وينصب الخبر، ومعناه في الأصل المضيّ والانقطاع، نحو: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا} (التوبة: ٦٩)،


(١) شرح كافية ابن الحاجب لرضي الدين الاسترابادي ٤/ ١٨٥: ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>