للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتقويم الرعية (١).

ثامنًا: أنه ضيع حدود الله فلم يقتل عبيد الله بن عمر حين قتل الهرمزان.

والجواب عليه من وجهين:

الوجه الأول: أن الهرمزان كان ممن شارك في قتل عمر - رضي الله عنه -، وقد اعتذر عبيد الله بن عمر وقال: إن عبد الرحمن بن أبي بكر أخبره أنه رأى أبا لؤلؤة والهرمزان وجفينة يدخلون في مكان يتشاورون، وبينهم خنجرًا له رأسان مقبضة في وسطه، وقتل عمر صبيحة تلك الليلة، فاستدعى عثمان - رضي الله عنه - عبد الرحمن فسأله عن ذلك، فقال: انظروا إلى السكين فإن كانت ذات طرفين فلا أرى القوم إلا وقد اجتمعوا على قتله، فنظروا إليها فوجدوها كما وصف عبد الرحمن، فلذلك ترك عثمان - رضي الله عنه - قتل عبيد الله بن عمر لرؤيته عدم وجوب القود لذلك أو لتردده فيه، فلم ير الوجوب بالشك.

قال ابن تيمية: وإذا كان الهرمزان ممن أعان على قتل عمر كان من المفسدين في الأرض المحاربين فيجب قتله لذلك ولو قدر أن المقتول معصوم الدم يحرم قتله لكن كان القاتل متأولًا يعتقد حل قتله لشبهة ظاهرة صار ذلك شبهة تدرأ القتل عن القاتل كما أن أسامة بن زيد لما قتل ذلك الرجل بعدما قال لا إله إلا الله واعتقد أن هذا القول لا يعصمه عزره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكلام ولم يقتله لأنه كان متأولًا، لكن الذي قتله أسامة كان مباحا قبل القتل فشك في العاصم، وإذا كان عبيد الله بن عمر متأولًا يعتقد أن الهرمزان أعان على قتل أبيه وأنه يجوز له قتله صارت هذه شبهة يجوز أن يجعلها المجتهد مانعة من وجوب القصاص فإن مسائل القصاص فيها مسائل كثيرة اجتهادية (٢).

الوجه الثاني: عثمان - رضي الله عنه - رأي المصلحة في عدم قتله، وبيان ذلك من وجهين:

الأول: لو أن عثمان - رضي الله عنه - قتل عبيد الله بن عمر لصارت فتنة عظيمة يقال فيه قُتل أمير المؤمنين بالأمس، ويُقتل ابنه اليوم (٣).


(١) تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (١/ ٤٦٢: ٤٦٠).
(٢) منهاج السنة النبوية (٦/ ٢٨١: ٢٨٠).
(٣) فتنة مقتل عثمان للغبان (١/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>