للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام أبو بكر بن العربي معقبًا على قول عائشة -رضي اللَّه عنها-: "كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن. . . "، قال: "فاقتضى هذا اللفظ أن من وهبت نفسها للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عدة ولكنه لم يثبت عندنا أنه تزوج منهن واحدة أم لا. (١)

فلو كان مجرد قول عائشة: "وهبن أنفسهن" دليل على الدخول بهن لما قال ابن العربي: لم يثبت عندنا أنه تزوج منهن واحدة أم لا.

الثانية: تحرير القول في (ميمونة، خولة، أم شريك)

١. تحرير القول في ميمونة: تقدم أنه قد صح عن عكرمة وقتادة والزهري أن ميمونة -رضي اللَّه عنها- وهبت نفسها للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وصح في غير ما حديث في الصحيحين أن ميمونة كانت زوجة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

وهذا التعارض الظاهري بين هذا وبين ما قدمنا لا يعكر علينا وذلك كما يلي:

أ- أنه قد صح عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن ميمونة -رضي اللَّه عنها- جعلت أمرها إلى أختها أم الفضل، وأن أم الفضل جعلت أمرها إلى العباس -رضي اللَّه عنه- وأن العباس هو الذي قام بتزويجها. (٣)


(١) أحكام القرآن (٣/ ٥٩٥).
(٢) من هذه المواضع عند البخاري (١١٧).
(٣) هذا الأثر روي من عدة طرق عن ابن عباس:
الطريق الأول: "عكرمة عن ابن عباس": أخرجه الدارقطني في سننه (٣/ ٢٦٣) قال أنا أبو عبد اللَّه بن المهتدي باللَّه نا محمد بن عمرو بن خالد نا أبي قال: ونا بكر بن سهل نا عبد اللَّه بن يوسف قالا نا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث محمية بن جزء ورجلين آخرين إلى ميمونة يخطبها وهي بمكة فردت أمرها إلى أختها أم الفضل فردت أم الفضل إلى العباس فأنكحها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وهو: ضعيف يصلح للشواهد والمتابعات وذلك لما يلي:
- فيه ابن لهيعة وقد احترقت كتبه.
- بكر بن سهل شيخ الدارقطني ضعفه النسائي وقال الذهبي في الميزان (٢/ ٦١): حمل الناس عنه وهو مقارب الحال، وقال أيضًا في المغني (٩٧٨): متوسط. اهـ
الطريق الثاني: طريق أبي سلمة عن ابن عباس: =

<<  <  ج: ص:  >  >>