للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا جناح على لوط - عليه السلام - في طلب قوة من الناس فقد قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: ٢٥١] فهذا الذي طلب لوط - عليه السلام - وقد طلب رسول الله - عليه السلام - من الأنصار والمهاجرين منعه حتى يبلغ كلام ربه تعالى فكيف ينكر على لوط أمرًا هو فعله - عليه السلام - (١)

[الوجه السابع: لوط - عليه السلام - لم يكن يعلم نصر الله له بالملائكة في هذا الحين.]

قال ابن حزم: تالله ما أنكر ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما أخبر - عليه السلام - أن لوطًا كان يأوي إلى ركن شديد يعني من نصر الله له بالملائكة ولم يكن لوط علم بذلك. (٢)

الوجه الثامن: لماذا طلب لوط - عليه السلام - ركنًا من البشر وهو يعلم أن الله تعالى من وراء عقابهم؟

قال ابن عطية: وإنما خشي لوط أن يمهل الله أولئك العصابة حتى يعصوه في الأضياف كما أمهلهم فيما قبل ذلك من معاصيهم، فتمنى ركنًا من البشر يعاجلهم به، وهو يعلم أن الله تعالى من وراء عقابهم. (٣)

قال السعدي: وهذا بحسب الأسباب المحسوسة، وإلا فإنه يأوي إلى أقوى الأركان وهو الله، الذي لا يقوم لقوته أحد، ولهذا لما بلغ الأمر منتهاه واشتد الكرب. (٤)

[الوجه التاسع: بيان السبب الذي من أجله قال لوط - عليه السلام - ذلك الكلام.]

إن هذا - ما أثاروه من عتاب على سيدنا لوط - عليه السلام - سوء فهم منكم للحال التي قال فيها لوط - عليه السلام - ما قال، والسبب الذي حمله على ذلك القول. فالأنبياء - عليه السلام - كانوا يُبعثون في منعة من أقوامهم، فيُبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من أشرف قبائل قومه وأمنعهم، فتكون قبيلته - وإن لم تؤمن به - سندًا له تحميه من كيد أعدائه ومكرهم، فسيدنا لوط يقصد بذلك معونة


(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/ ٢٥٢.
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/ ٢٥٣.
(٣) المحرر الوجيز ٣/ ٤٥٢.
(٤) تفسير السعدي صـ ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>