للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (١٩)} (النساء: ١٩).

فالأصل -إذن- في المعاشرة الزوجية أن يلزم كل من الزوجين معاشرة صاحبه بالمعروف، ولا يمطله حقه، ولا يظهر الكراهة لقوله تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: ٢٢٨)، والقرآن الكريم يقطع بأن المعاشرة تقوم على التماثل؛ والتماثل هنا في تأدية كل منهما ما عليه لصاحبه ببشاشة وطلاقة ولا يتبعه أذى ولا منة، لأن هذا من المعروف الذي أمر اللَّه به، ولقد ندب الشرع الحكيم إلى حسن الصحبة في المعاشرة، فأوجب أن يتوفق كل صاحب بصاحبه، ويحتمل ما يكون من جهته، ولقد أوصى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، وبدأ بالرجال فقال: "استوصوا بالنساء خيرًا" (١)

وخلاصة القول: أن اللَّه تعالى في الشريعة الغراء أوجب المعاشرة بالمعروف؛ والمعروف هو ما يجب دينًا وخلقًا ومروءة من مثله لمثلها ومن مثلها لمثله على الذي ارتضاه أهل المروءة والنبل من كرام الناس، وفي كل الأحوال ندب للزوج أن يأخذ بحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" (٢)، ويفهم من حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يوصي بالصبر عليهن وهي الثانية.

[٢. إن الشرع يأمر بالمعاشرة بالمعروف، فإذا صدر من المرأة ما يسوء الرجل فإن الشرع ندب إلى الصبر عليها وعلى ما لا يستقيم من أخلاقها]

عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا" (٣) وفي رواية "فدارها تعش بها". (٤)


(١) مسلم (١٤٦٨).
(٢) رواه مسلم (٢٦٧٢).
(٣) رواه مسلم (١٠٩١).
(٤) أخرجه أحمد (٥/ ٨)، وابن حبان، وإسناده على شرط مسلم (٤١٧٨)، والحاكم (٤/ ١٩٢)، وقال: على شرط الشيخين، وابن أبي شيبة (٤/ ١٩٨). والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع (١٩٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>