للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن عرف الله تعالى، وشهد مشهد حقه عليه، ومشهد تقصيره وذنوبه، وأبصر هذين المشهدين بقلبه عرف ذلك وجزم به، والله سبحانه وتعالى المستعان. (١)

وقد ذكر ابن تيمية قريبًا من هذا الجمع فقال: وليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة، بل هي سبب، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل"، وقد قال تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، فهذه باء السبب، أي بسبب أعمالكم، والذي نفاه النبي - صلى الله عليه وسلم - باء المقابلة كما يقال: اشتريت هذا بهذا، أي: ليس العمل عوضًا وثمنًا كافيًا في دخول الجنة، بل لا بد من عفو الله وفضله ورحمته فبعفوه يمحو السيئات، وبرحمته يأتي بالخيرات، وبفضله يضاعف البركات. (٢)

[السابع: توهم استحالة المعنى]

ويقصد بهذا أن يتوهم القارئ للقرآن الكريم أن معنى الآية مستحيل، فيستشكل الآية بذلك، ويكون مخطئًا في توهمه، ويكون قد فهم من الآية شيئًا ليس مرادًا، أو أنه مراد وهو غير مستحيل. (٣)

ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى في سورة الزخرف: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)} [الزخرف: ٨١].

اختلف العلماء في معنى {إِنْ} هو في هذه الآية الكريمة:

١ - فقالت جماعة من أهل العلم أنها شرطية، واختاره غير واحد، وممن اختاره ابن جرير الطبري، والذين قالوا أنها شرطية، اختلفوا في المراد بقوله تعالى: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} فقال بعضهم: فأنا أول العابدين لهذا الولد.

وقال بعضهم: فأنا أول العابدين لله على فرض أن له ولدًا.


(١) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (٨٧ - ٨٨).
(٢) فتاوى ابن تيمية (٨/ ٧٠ - ٧١).
(٣) مشكل القرآن/ عبد الله حمد المنصور (١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>