٢٨ - شبهة: حول قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}.
[نص الشبهة]
قالوا: إن الأحاديث الكثيرة تأتي وتقرُّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معصومًا، ووقع في القرآن أنه كان في بدء أمره في الذنب والضلالة كقوله في سورة الضحى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: ٧]. (١)
والجواب عن هذه الشبهة من ستة أوجه:
الوجه الأول: القرآن جعل العصمة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ونفى عنه الضلال (بمعنى: الباطل) مطلقًا.
الوجه الثاني: سبب نزول هذه السورة التي منها هذه الآية.
الوجه الثالث: السورة كلها منقبة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويظهر هذا من الإشارة إلى معانيها.
الوجه الرابع: في بيان معنى قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}.
الوجه الخامس: الحكمة من كون الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة ضالًا عنها أميًا لا يقرأ ولا يكتب، وهو الذي جاء بعد بالقرآن والسنة.
الوجه السادس: صفة نبي الله عيسى عليه السَّلام في الكتاب المقدس.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: القرآن جعل العصمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ونفى عنه الضلال (بمعنى: الباطل) مطلقًا.
فقال عزَّ وجلَّ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ١: ٤]، بدأ الله السورة بالقسم، فكان على ماذا؟ على المقسم عليه وهو قوله: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}.
يقول ابن كثير: هذا هو المقسم عليه، وهو الشهادة للرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه بار راشد تابع للحق ليس بضال، وهو: الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم، والغاوي: هو
(١) هذه شبهة قديمة عند القوم ترى صداها والرد عليها عند رحمت الله الهندي في "إظهار الحق"، وعند محمد رشيد رضا في "تفسير المنار" (١٢/ ٢٥٢).