للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: في السنة النبوية:

١ - فعن ابن عمر - رضي الله عنهم -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام"

٢ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]، ويرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبث في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي" (١).

ففي هذا الحديث يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - طول صبر يوسف - عليه السلام -، وأنه لو كان مكانه ودعي إلى الخروج من السجن لأجاب على الفور، ولا شك أنه قاله تواضعًا - صلى الله عليه وسلم -.

٣ - وفي رحلة المعراج قال - صلى الله عليه وسلم -: "ثم عُرج بي إلى السماء الثالثة، فاستفتح جبريل. فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد - صلى الله عليه وسلم -. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بيوسف - عليه السلام -، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن، فرحب ودعا لي بخير" (٢).

الوجه الثاني: معاني قوله تعالى: {وَهَمَّ بِهَا}:

المعنى الأول: أن يوسف - عليه السلام - لم يقع منه همٌّ البتة، بل هو منفي لوجود رؤية البرهان، كما تقول: لقد قارفت لولا أن عصمك الله، وكأن معنى الآية الكريمة: لولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها، فكان موجدًّا لهمَّ على انتفاء رؤية البرهان، لكنه وجد رؤية البرهان فانتفى الهم.

وهذا المعنى مبني على قاعدة نحوية وهي: أن جواب (لولا) في الآية الكريمة محذوف يدل عليه ما قبله كما يقول جمهور البصريين في قول العرب: (أنت ظالم إن فعلت) فيقررونه (إن فعلت فأنت ظالم) ولا يدل قوله: (أنت ظالم) على ثبوت الظلم، بل هو مثبت على تقدير وجود الفعل، وكذلك هنا (٣).


(١) أخرجه البخاري (٣١٩٢)، ومسلم (١٥١).
(٢) أخرجه البخاري (٣٠٣٥)، ومسلم (١٦٢) واللفظ له.
(٣) البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ٢٩٤، ٢٩٥)، تفسير القاسمي (٩/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>