للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩ - رجاحة عقلها في مراعاة قلب النبي -صلى الله عليه وسلم-:

حيث وهبت نوبتها لعائشة -رضي الله عنها- فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة (١). قال النووي نقلًا عن القاضي عياض: (مسلاخها) المسلاخ هو الجلد ومعناه: أن أكون أنا هي (من امرأة). قال القاضي (من) هنا للبيان واستفتاح الكلام.

(حدة) لم ترد عائشة عيب سودة بذلك بل وصفتها بقوة النفس وجودة القريحة وهي الحدة. (٢)

ثانيًا: هل صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلقها؟

والإجابة: لم يصح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلقها، وهذه هي الآثار التي وردت في ذلك وأشيع بسببها هذا الأمر:

الرواية الأولى: عن عبد الرزاق، عن أبي حنيفة، عن الهيثم أو أبي الهيثم -شك أبو بكر-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلق سودة تطليقة فجلست له في طريقه، فلما مرَّ سألته الرجعة، وأن تهب قسمها منه لأي أزواجه شاء رجاء أن تبعث يوم القيامة زوجته، فراجعها وقبل ذلك. (٣)


(١) البخاري (٢٤٥٣)، مسلم (١٤٦٣)، ولفظه: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: تبتغي بذلك رضا رسول الله: أخرجه أبو داود (٢١٣٥)، والترمذي (٣٠٤٠)، وقال الألباني: صحيح.
(٢) شرح النووي لمسلم ١٠/ ٤٨.
(٣) منكر. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٠٦٥٧)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (٢٤/ ٣٣ - ٨٧)؛ وهو معضل لأن الهيثم هو: الهيثم بن حبيب الصيرفي الكوفي صدوق من السادسة كما في التقريب (٧٣٦٠)، ووصله البيهقي في السنن (٧/ ٣٤٣)، فقال: (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن الحسن القاضي قالا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا أحمد بن الفرج أبو عتبة، نا بقية، عن أبى الهيثم، عن الزهري، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال لسودة بنت زمعة -رضي الله عنها- اعتدي فجعلها -تطليقة واحدة وهو أملك بها.
وهذا إسناد ضعيف؛ أحمد بن الفرج أبو عتبة الحمصي المعروف بالحجازي، ذكره ابن حبان وقال: يخطئ، الثقات لابن حبان ٨/ ٤٥، ورماه محمد بن عوف بالكذب وسوء الحال وقال أيضًا: كان يتفتا أي يتزيا بزي الشطار وليس له في حديث بقية أصل هو فيها أكذب الخلق وإنما هي أحاديث وقعت له في ظهر قرطاس في أولها يزيد بن عبد ربه ثنا بقية قال: وكتبه التي عنده عن ضمرة وابن أبي فديك من كتب أحمد بن النضر وقعت إليه. تهذيب التهذيب (١/ ٥٩) =

<<  <  ج: ص:  >  >>