وهمدان إلى جبانة كندة، ثم ليمضوا إلى حجر فليأتوني به، وليسر أهل اليمن حتى ينزلوا جبانة الصيداويين، وليمضوا إلى صاحبهم فليأتوني به، فخرجت الأزد وخثعم والأنصار وقضاعة وخزاعة، فنزلوا جبانة الصيداويين، ولم تخرج حضرموت مع اليمن لمكانهم من كندة.
قال أبو مخْنف: فحدثني سعيد بن يحيى بن مخنف، عن محمد بن مخنف، قال: فإني لمَعَ أهل اليمن وهم يتشاورون في أمر حُجر، فقال لهم عبد الرحمن بن مخنف: أنا مشير عليكم برأي، فإن قبلتموه رجوت أن تَسلَموا من اللائمة والإثم: أن تلبثوا قليلًا حتى تكفيكم عجلة في شباب مذحج وهمدان ما تكرهون أن يكون من مساءة قومكم في صاحبكم.
فأجمع رأيهم على ذلك، فلا والله ما كان إلا كلًّا، ولا حتى أتينا فقيل لنا: إن شباب مذحج وهمدان قد دخلوا، فأخذوا كل ما وجدوا في بني بجيلة.
قال: فمر أهل اليمن على نواحي دور كندة معتذرين، فبلغ ذلك زيادًا، فأثنى على مذحج وهمدان، وذم أهل اليمن. فلما انتهى حجر إلى داره ورأى قلة من معه قال لأصحابه: انصرفوا، فوالله ما لكم طاقة بمن اجتمع عليكم من قومكم، وما أحب أن أعرضكم للهلاك. فذهبوا لينصرفوا، فلحقتهم أوائل خيل مذحج وهمدان، فعطف عليهم عمير بن يزيد، وقيس بن يزيد، وعبيدة بن عمرو، وجماعة، فتقاتلوا معهم، فقاتلوا عنه ساعة فجرحوا، وأسر قيس بن يزيد، وأفلت سائر القوم، فقال لهم حجر: لا أبا لكم! تفرقوا لا تقتلوا؛ فإني آخذ في بعض هذه الطرق. ثم أخذ نحو طريق بني حرب من كندة، حتى أتى دار رجل منهم يقال له: سليمان بن يزيد، فدخل داره، وجاء القوم في طلبه، ثم انتهوا إلى تلك الدار، فأخذ سليمان بن يزيد سيفه، ثم ذهب ليخرج إليهم، فبكت بناته، فقال له حجر: ما تريد؟ لا أبا لك! فقال له: أريد والله أن ينصرفوا عنك؛ فإن فعلوا وإلا ضاربتهم بسيفي هذا ما ثبت قائمه في يدي دونك. فقال له حجر: بئس والله إذن ما دخلت به علي بناتك! أما في دارك هذه حائط أقتحمه أو خوخة أخرج منها، عسى الله أن يسلمني منهم ويسلمك؛ فإن القوم إن لم يقدروا عليَّ في دارك لم يضرك أمرهم. قال: بلى، هذه خوخة تخرجك إلى دور بني العنبر من كندة، فخرج معه فتية من