للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(د) ولتأكيد الرفق بالنساء ينهي الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حديثه بقوله: فاستوصوا بالنساء تمامًا كما بدأه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وفي شرح هذا القول قال الطيبي: (السين في قوله فاستوصوا للطلب، وهو للمبالغة، أي اطلبوا الوصية من أنفسكم في حقهن، أو اطلبوا الوصية من غيركم بهن، وقيل معناه: اقبلوا وصيتي فيهن، واعملوا بها، وارفقوا بهن، وأحسنوا عشرتهن.

قال الحافظ: وهذا القول الأخير أوْجَهُ الأوجه في نظري، وليس مخالفًا لما قال الطيبي (١).

يقول د/ مروان إبراهيم: يستدل بعض الناس بهذا الحديث على منزلة المرأة في الإسلام، ولا يؤسفني أن أقول: إن ما ذهبوا إليه من فهم يدل على جهل فاضح باللغة العربية وبالمعنى والسياق أو على سوء نية.

إن الحقيقة التي يقررها القرآن الكريم تفيد أن حواء خلقت من آدم، وليس في ذلك ما يعيبها، إذ إن موضوع الخلق من أمر اللَّه وتدبيره، وليس لأحد أن يعترض على خلق اللَّه، فاللَّه يخلق ما يشاء. وإذا كانت حواء خلقت من آدم، فليس في ذلك ما يعيبها أيضًا؛ لأن آدم نفسه خلق من تراب الأرض، كما أن في خلق حواء من آدم دلالة واضحة على مدى قرب المرأة من الرجل، فهي جزء منه في الأصل. (٢)

[الوجه الثاني: الحديث يؤكد الاهتمام بالمرأة والحرص عليها]

والأدلة على ذلك من الحديث نفسه ظاهرة بينة كما يلي:

١ - نلاحظ أن الحديث بدأ وانتهى بالتوصية بالنساء، فتكررت عبارة استوصوا بالنساء خيرًا مرتين، في أول الحديث وفي نهايته.

٢ - الحديث توجيه وخطاب للرجال لا للنساء، فهناك مُوصى هم الرجال، ومُوصى به هن النساء، والوصية عادة لا تكون إلا في مصلحة الموصى به.


(١) فتح البارى (٦/ ٣٦٨).
(٢) تحرير المرأة في عصر الرسالة (١/ ٢٨٨ - ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>