تستقيم لك على طريقة وهذا التقلب مما يكدر خاطر الرجل ويثير غضبه. ويرجح هذا التفسير ما قاله الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في عظته للنساء: تكثرن اللعن، وتكفون العشير فهذا سلوك عادة ما يكون ساعة غضب، أي: نتيجة سرعة الانفعال وشدته، أما إذا أراد البعض أن يفسر (العوج) بأن المرأة ذات طبيعة ملتوية، والالتواء هنا يعني: المكر والخديعة، فإنا نعتقد أن في هذا القول بعدًا وغلوًا وتجريحًا لعموم النساء يعارض النصوص المتكاثرة عن حياة الصحابيات، التي تدل على براءتهن من المكر والخديعة والالتواء، ويخالف الواقع المشاهد بين أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا، وهل يعقل أن نوكل الإشراف على تربية أولادنا إلى إنسان ذي طبيعة ملتوية؟ !
(ج) وفي الحديث توجيه الرجل إلى الصبر على ما يصدر من المرأة من سلوك مبعثه ذاك (العوج)، وذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها وعلى الرجل أن يتذكر أنها لا تتعمد هذا السلوك لمضايقته وإحراجه، فإنما هو نتيجة ما قدره اللَّه على المرأة من طبيعة خاصة تتميز بسرعة الانفعال وشدته، فليصبر، وليكن سمحًا كريمًا، وليعلم أن هذه الخاصية من خصائص المرأة يمكن أن يكون لها أثر طيب في إقدارها على أداء مهمتها الأساسية من حمل وإرضاع وحضانة؛ إذ تحتاج إلى عاطفة بالغة وحساسية مرهفة؛ ثم ليعلم الرجل أيضًا أنه إذا حاول الوقوف عند كل خطأ من زوجه -نتيجة انفعالها البالغ- مؤاخذًا ومعاتبًا، فإن هذا لن يسفر عن شيء سوى مزيد من التباعد والشقاق، ثم يقع الفراق والطلاق.
وأخيرًا ليذكر الرجل أن لزوجته من الفضائل والمحاسن ما قد يعوض هذا العيب، وصدق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله الحكيم الذي فيه علاج عندما يبدر من المرأة ما يبدر: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر. (١)