للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلهية تصدر منه؛ لأنه لا يقدر أن يكون غير عادل أو غير قدوس أو غير حق ... ومن ثم فإن المسيحية ترفض رفضًا باتًا تصور أن الله يعفو لمجرد العفو من غير جزاء كامل تحتمه العدالة الإلهية المطلقة". (١)

وإذا كان الله لا يستطيع أن يغفر الخطية، فماذا يفعل الله سبحانه وتعالى -في نظرهم- إزاء ذلك؟ يقول لبيب ميخائيل: "ماذا يفعل الله بذلك الإنسان الشرير الأثيم الذي أصبحت نفسه أمارة بالسوء؟ كيف يوفق جل شأنه بين عدله الذي يطالبه بتوقيع القصاص على الإنسان وهو قصاص رهيب أبدي عظيم يتناسب مع عدله وقداسته، وبين رحمته التي تطالبه بأن يصفح عن خطيئة الإنسان؟ " (٢).

[كيف يوفق الله في نظرهم بين عدله ورحمته؟]

ويجيب عن هذا التساؤل نقولا يعقوب: ولما كان الله عادلًا فهو لا يترك مثقال ذرة، لذلك وجب علينا أن نسلم أن كل الخاطئين ضد الله لابد أن يقيموا في النار مخلدين عقابا لهم، فإذا تم هذا فأين رحمة الله؟ وإذا رحم الله هؤلاء الخطاة وغفر لهم ولم يعذبهم فأين عدله؟ . (٣)

يقول لبيب ميخائيل: "فالغفران الإلهي للإنسان الخاطئ يحتم أن يوفق الله بين عدله ورحمته، ذلك لأنه إذا غفر الله خطيئة الإنسان على أساس رحمته وحدها استهان الإنسان بعدالة الله ووصاياه، وأصبح فعل الخطية سهلا لديه، إذ يرى أن الله لم يتكلف شيئًا لمنحه غفرانه لخطاياه، وإذا نفذ الله في الإنسان حكمه ضد خطاياه على أساس عدله وحده لرأى الإنسانُ (اللهَ) إلهًا جبارًا منتقمًا، ولأصبح بتأثير إحساسه بقسوة الله عنيدًا قاسيًا، بليد الشعور، ولاستمر في عناده ومعاصيه حتى الهلاك". (٤)

وحتى تُحل هذه المعادلة الصعبة - في نظرهم - فلابد من وجود فادي عن الإنسان


(١) المصدر السابق (٣٩١).
(٢) هل المسيح هو الله؟ (٨٧ - ٨٨).
(٣) أبحاث المجتهدين في الخلاف بين النصارى والمسلمين (٣٧).
(٤) هل المسيح هو الله؟ (٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>