للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصبحت محدودة القدرة تعجز عن إدراك الله كما في أول عهدها وشلت إرادته وأصبحت عاجزة عن صنع الخير والشر وحتى السعي إليه". (١)

وبناء عليه لا يستطيع الإنسان في - نظرهم - أن يخلص نفسه من هذا الفساد.

رابعًا: دعوى عدم التوفيق بين عدل الله ورحمته:

لقد وضع المسيحيون فكرتهم عن توارث الخطيئة على هيئة مأزق لله سبحانه وتعالى، فباعتبار أن الإنسان في نظرهم غير مؤهل لأن يشق طريقه إلى الله لأنه متصف بالعجز لأن طبيعته فاسدة، فماذا يفعل الله في نظرهم إزاء هذا؟

والجواب: أن الله تعالى في نظرهم لا يستطيع أن يغفر هذه الخطية أو يعفو عنها.

وها هي بعض أقوالهم:

يقول إلياس مقار: "قد يقال: أليس من حق الله وسلطانه وهو صاحب السلطان الأعلى أن يعفو بكلمة عمن يريد أو يشاء؟ وهل يكون الله أقل من الملوك والرؤساء الذين يستطيعون بكلمة أن يعفو عن المجرمين والمحكوم عليهم بأقسى العقوبات؟

إنه قياس مع الفارق؛ لأن عفو الملوك الأرضيين أو الرؤساء إذا صح أنه نبيل أو عظيم إلا أنه على حساب العدالة في إطلاقها وكمالها ومجدها، وأنه إذا صح أن البشر لأنهم ناقصون يعفون أو يتساهلون بدافع من نقصهم أو ضعفهم عن العدالة المطلقة، فإن الله لا يمكن أن يعفو أو يتساهل قيد شعرة عن العدالة المطلقة، وأن القول إن الله قادر على العفو بمجرد كلمة وإن أحدًا لا يمكن أن يجرده أو يطلب إليه أن يتنازل عن السلطان عن هذا القول يفهم القدرة الإلهية فهما خاطئًا؛ لأن الله مع قدرته اللانهائية تُورد أشياء نقول بكل احترام وإجلال لا يقدر عليها". (٢)

ثم يقول: "يمكن أن نقول بملء اليقين إن الله لا يمكن أن يغفر الخطية بمجرد كلمة


(١) يسوع المسيح (٨٣).
(٢) قضايا المسيحية الكبرى (٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>