للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحيث إن آدم وحواء لم يأكلا من هذه الشجرة التي تمنح الخلود فمعنى ذلك أنهما كانا معرضين للموت قبل المخالفة وبعدها.

هذا فضلًا عن أن الكتاب المقدس يببين أن آدم كان قابلًا للفناء والموت حتى قبل المخالفة وذلك لأنه من التراب، يقول سفر التكوين "لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ". (تكوين ٣/ ١٩).

ثانيًا: ويدعون أيضًا أن أكل آدم من الشجرة سبب له الفساد والبعد عن الله.

وهذا قول يفتقر إلى الحجة والبرهان، خاصة وأن سفر التكوين قد جاء فيه فقرة تدل على أن آدم وحواء تابا، والله سبحانه وتعالى قبل توبتهما، ذلك أنهما حين أكلا من الشجرة انفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، واختبآ خوفا وخجلا من الله، ثم بعد ذلك يبين سفر التكوين أن الله صنع لآدم وحواء أقمصة من جلد وألبسهما، والتوبة تغفر الذنب وتكفره. يقول سفر الأعمال: "١٩ فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ" (أعمال ٣/ ١٩). (١)

ثالثا: يعتقد المسيحيون أن آدم وحواء لم يجلبا الدمار والهلاك والفساد على أنفسهما بعصيانهما فحسب، بل على كل ذريتهما أيضا؛ لأنهم أصبحوا ورثة لطبيعتهما الساقطة الآثمة. (٢)

يقول حبيب جرجس: "إن خطية آدم عمت جميع نسله وعادت بالويل والشقاء على سائر الجنس البشري، وصار محكوما عليهم بأن يولدوا أثمة وعبيدا للخطية والموت، وذلك لأن آدم لم يلدهم إلا وهو في حالة الإثم والمعصية والغضب، فبناء عليه كان جميع الجنس المتناسل منه بالطبيعة آثما ومخطئا وواقعا في المعصية ومعاقبا عليها كما عوقب آدم وزوجته من قبل، ولذلك حسبت المعصية عليهم كما حسبت عليه". (٣)

وأصبح الإنسان بموجب هذه الفكرة - عند المسيحيين - عاجزًا عن كل خير روحي. يقول الأب بولس إلياس اليسوعي: "إن سقطة الإنسان الأول كانت جسيمة أفقدته توازن قوة الروحية فأصيب بجراح بليغة وبنوع خاص في عاقلته وإرادته، فعاقلته


(١) انظر: تأثر المسيحية بالأديان الوضعية (٥٣٥ - ٥٣٦).
(٢) هذه عقائدنا، كلايد تارنر (٥٩)، طريق الخلاص، عوض سمعان (١٢).
(٣) خلاصة الأصول الإيمانية (٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>