للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذمة الله، وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وذمة دين الإسلام (١).

وفي "الدر المختار" من كتب الحنفية: يجب كف الأذى عن الذمي وتحرم غيبته كالمسلم. ويعلق العلامة ابن عابدين على ذلك بقوله: لأنه بعقد الذمة وجب له مالنا؛ فإذا حرمت غيبة المسلم حرمت غيبته؛ بل قالوا إن ظلم الذمي أشد (٢).

[التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر]

وأكثر من ذلك أن الإسلام ضمن لغير المسلمين في ظل دولته كفالة المعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونه؛ لأنهم رعية للدولة المسلمة، وهي مسئولة عن كل رعاياها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع، وكل راع مسئول عن رعيته" (٣).

وهذا ما مضت به سنة الراشدين ومن بعدهم.

ففي عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق، وكانوا من النصارى: وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله (٤)، وكان هذا في عهد أبي بكر الصديق، وبحضرة عدد كبير من الصحابة، وقد كتب خالد به إلى الصديق ولم ينكر عليه أحد، ومثل هذا يعد إجماعًا.

ورأى عمر بن الخطاب شيخًا يهوديًّا يسأل الناس، فسأله عن ذلك فعرف أن الشيخوخة والحاجة ألجأتاه إلى ذلك، فأخذه وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين، وأمره أن يفرض له ولأمثاله من بيت المال ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وقال في ذلك: ما أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابًا ثم نخذله عند الهرم (٥).


(١) الفروق ٣/ ١٤.
(٢) حاشية ابن عابدين ٣/ ٣٤٤ - ٣٤٦.
(٣) رواه البخاري (٨٥٣)، مسلم (١٨٢٩).
(٤) الخراج صـ ١٤٤.
(٥) المصدر السابق صـ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>