للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَهَى أَنْ تَصِف المَرْأَة لِزَوْجِهَا، فَكَيْف إِذَا وَصَفَهَا الرَّجُل لِلرِّجَالِ؟ وَالثَّالِث أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَطَّلِع مِنْ النِّسَاء وَأَجْسَامهنَّ وَعَوْرَاتهنَّ عَلَى مَا لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ كَثِير مِنْ النِّسَاء، فَكَيْف الرِّجَال لَا سِيَّمَا عَلَى مَا جَاءَ فِي غَيْر مُسْلِم أَنَّهُ وَصَفَهَا حَتَّى وَصَفَ مَا بَيْن رِجْلَيْهَا أَيْ فَرْجهَا وَحَوَالَيْهِ (١).

[الوجه الرابع: كان - صلى الله عليه وسلم - يرى أنه من غير أولي الإربة.]

و(الإربة): الحاجة إلى الوطء، فغير أولى الإربة: هو الأحمق الذي ليس له في النساء حاجة ولا أرب وقَدْ بَيَّنَ فِي الحَدِيثِ سَبَبَ دُخُولِهِ عَلَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ الله عَنْهُنَّ، وَهُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ غَير أُولِي الْإِرْبَةِ أَيْ الْحَاجَةِ إلَى النِّسَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَنْظُرُ فِي أَوْصَافِهِنَّ وَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الحسَنَةِ وَالْقَبِيحَةِ مِنْهُنَّ وَلَا شَهْوَةَ لَهُ أَصْلًا وَمثْلُ هَذَا لَا يَجِبُ الاحْتِجَابُ مِنْهُ بِنَصِّ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَلَمّا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ هَذَا أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ حُجِبَ وَمُنِعَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِن كَغَيرِهِ مِنْ الرِّجَالِ فَفِيهِ أَنَّ التَّخَنُّثَ وَلَوْ كَانَ أَصْلِيًّا لَا يَقْتَفِي الدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ وَأَنَّهُ كَانَ المقْتَضِي لِدُخُولِهِ اعْتِقَادُ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ لَا كَوْنِهِ مُخَنَّثًا (٢).

ولا يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يفطن لشيء من أمر النساء مما يفطن له الرجال ولا أن له أربة فسمعه يقول لخالد بن الوليد يا خالد إن افتتحتم الطائف فلا تنفلتن منك بادية بنت غيلان بن سلمة، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سمع ذلك منه: لا أرى هذا الخبيث يفطن لما أسمع (٣)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: مالك قاتلك الله إن كنت لأحسبك من غير أولى الإربة من الرجال وسيره إلى خاخ بمعجمتين ثم قال لنسائه لا تدخلن هذا عليكن فحجب عن بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ غَلَّظْت النَّظَرَ إلَيْهَا يَا عَدُوَّ الله" ثُمَّ أَجَلَاهُ عَنْ المَدِينَةِ إلَى الْحِمَى (٤).


(١) شرح النووي (٧/ ٣١٣)، فتح الباري (٩/ ٣٤٣).
(٢) طرح التثريب (٨/ ٣٩٥).
(٣) دلائل النبوة للبيهقي (٥/ ١٦١).
(٤) الاستذكار لابن عبد البر (٧/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>