للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه من التعدي بخلاف الغضب للنفس واستبعده جماعة لخالفته لظاهر الحديث والمعنى الذي لأجله نهي عن الحكم معه ثم لا يخفى أن الظاهر في النهي التحريم وأن جعل العلة المستنبطة صارفة إلى الكراهة بعيد.

وأما حكمة - صلى الله عليه وسلم - مع غضبه في قصة الزبير فلما علم من أن عصمته مانعة عن إخراج الغضب له عن الحق عند الظاهر؛ (أيضًا عدم نفوذ الحكم مع الغضب إذ النهي يقتضي الفساد) والتفرقة بين النهي للذات والنهي للوصف كما يقوله الجمهور غير واضح. (١)

[الآثار الصحية السيئة للغضب على البدن]

إن الانفعالات الشديدة والضغوط التي يتعرض لها الإنسان كالخوف والغضب يحرض الغدة النخامية على إفراز هرمونها المحرض لإفراز كل من الإدرينالين والنور أدرينالين من قبل الغدة الكظرية، كما تقوم الأعصاب الودية على إفراز النور أدرينالين.

إن ارتفاع هرمون النور أدرينالين في الدم يؤدي إلى تسارع دقات القلب، وهذا ما يشعر به الإنسان حين الإنفعال والذي يجهد القلب وينذر باختلاطات سيئة. فهو يعمل على رفع الضغط الدموي بتقبيضه للشرايين والأوردة الصغيرة، كما أن الارتفاع المفاجئ للضغط قد يسبب لصاحبه نزفًا دماغيًا صاعقًا يؤدي إلى إصابة الغضبان بالفالج، وقد يصاب بالجلطة القلبية أو الموت المفاجئ، وقد يؤثر على أوعية العين الدموية فيسبب له العمى المفاجيء.

فالانفعالات النفسية تولد اضطرابًا هرمونيًا خطيرًا في الغدد الصماوية يؤدي إلى تأرجح في التوازن الهرموني بصورة دائمة، ... ولا شك أن نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - قد عرف بنور الوحي خطورة هذه الانفعالات النفسية على مستقبل المجتمع الإنساني قبل أن يكتشف الطب آثارها، ودعا بحكمة إلى ضبط انفعالاتهم -قدر المستطاع- ألا تغضب، محاولًا أن يأخذ بأيديهم إلى جادة الصواب -رحمة بهم- وحفاظًا على صحة أبدانهم من المرض والتلف. (٢)

* * *


(١) سبل السلام ٤/ ١٢٠.
(٢) الهدي النبوي في كراهة الغضب د/ محمد نزار الدقر، نقلًا عن موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>