للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فِي صُحُفٍ} يتعلق بقوله: {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}، وهذا يؤيد أن التذكرة يراد بها جميع القرآن. (١) يعني: أنها مثبتة في صحف منتسخة من اللوح {مُكَرَّمَةٍ} عند الله {مَرْفُوعَةٍ} في السماء. أو مرفوعة المقدار {مُطَهَّرَةٍ} منزهة عن أيدي الشياطين، لا يمسها إلا أيدي ملائكة مطهرين (٢)، وذلك كله حفظ من الله لكتابه. (٣) ويؤكد الله تعالى وصفه بكونه محفوظًا في قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: ٢١، ٢٢]. من التغيير والزيادة والنقص، ومحفوظ من الشياطين، وهو: اللوح المحفوظ الذي قد أثبت الله فيه كل شيء، وهذا يدل على جلالة القرآن وجزالته، ورفعة قدره عند الله تعالى، والله أعلم (٤).

ثانيًا: حفظ القرآن الكريم في طريقه إلى الأرض:

لما بيَّن تعالى كمال القرآن وجلالته، نزَّهه عن كل صفة نقص، وحماه - وقت نزوله، وبعد نزوله - من شياطين الجن والإنس فقال تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لهُمْ} أي: لا يليق بحالهم ولا يناسبهم {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} ذلك.

{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} قد أُبعِدوا عنه، وأعدت لهم الرجوم لحفظه، ونزل به جبريل - عليه السلام -، أقوى الملائكة، الذي لا يقدر شيطان أن يقربه، أو يحوم حول ساحته، وهذا كقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٥). فحفِظه بالحرس الأقوياء من الملائكة، وبالكواكب التي تحرق وتمنع من أراد استراق السمع قال تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (٩) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: ٨ - ١٠]، يخبر تعالى عن


(١) المحرر الوجيز ٥/ ٤١٠.
(٢) الكشاف ٤/ ٧٠٣.
(٣) تفسير السعدي ١/ ٩١١، الكشاف ٧/ ٢٣٤.
(٤) تفسير السعدي ١/ ٩١٨.
(٥) تفسير السعدي ١/ ٥٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>