للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة ففي هذه القصة ما يشعر بأن اجتهاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دعوة الكافر كان غير متمش مع طبيعة الهداية الإلهية التي عليه أن يعرضها على الناس دون أن يبخع نفسه حرصًا على إيمانهم، فجاءت الاية الكريمة تصحح هذا الاجتهاد وتبين الطريق للدعاة إلى الله تعالى الذين يرثون دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتبليغ رسالته ونهجه في إيصالها إلى جميع الناس، وإن كان ثم عتاب فهو على أمر اجتهادي وقع على خلاف الأولى، لا على ذنب (١).

[الوجه السابع: وصف المسيح عليه السلام (يسوع) في الكتاب المقدس.]

جاء في متى (١٥/ ٢٦: ٢١): ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. ٢٢ وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: "ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَة جدًّا". ٢٣ فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلامِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: "اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا! " ٢٤ فَأَجَابَ وَقَالَ: "لَمْ أُرْسَلْ إِلأَ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ"٢٥ فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: "يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي! " ٢٦ فَأَجَابَ وَقَالَ: "لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاب".

ونجد يسوع عندهم أيضًا يسمب ويلعن، وليس يعبس فقط كما في (متى ١٢/ ٣٤): يَا أَوْلادَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَار؟ فَإِنَهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتكلَّمُ الْفَمُ.

ويريد أن يحرق الأرض وما عليها: جِئْتُ لأُلِقِيَ عَلَى الأَرْضِ نَارًا، فَلَكَمْ أَوَدُّ أَنْ تَكُونَ قَدِ اشْتَعَلَتْ؟ (لوقا ١٢/ ٤٩).

فكيف يصدر هذا التعبير القاسي جدًّا من إله المحبة المزعوم؟ ، وكيف يخرج منه هذا السب واللعن بالرغم من أنه جاء ليفديكم من ذنوبكم؟ . والله إن عيسى بريء من هذا

* * *


(١) رد شبهات حول عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - د. عماد سيد محمد إسماعيل الشربيني (١٠٧، ١٠٥). وراجع مبحث "عصمة الأنبياء" بهذه الموسوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>