للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا جدلًا أن المسيح قد قتل فما ذنب المسيح البريء حتى يدفعه الله ليُقتل ويُصلب عن الناس؟

فيجيب النصارى عن ذلك السؤال بالآتي:

١ - أن أنبياء الله -عَزَّ وَجَلَّ- قُتلوا بلا ذنب اقترفوه كما قرر ذلك القرآن، والله يكافئهم على ذلك.

٢ - أن مبدأ الإنابة (تحمل المسيح الصلب كفارة للبشر) مبدأ سليم ما دام أن من سيتوب يوافق القيام بالمهمة، وأن المسيح فعل ذلك بدافع المحبة وبرغبته مختارًا بدون إجبار ليقدم الفداء للكنيسة ولكل من يؤمن بها.

٣ - أن موت المسيح (الإله) لم يكن فجائيًا غير متوقع بالنسبة له كما يظن البعض ذلك، وينسون أن دم المسيح مكتوب عنه في العهد القديم في شكل نبوءات منذ آلاف السنين، فالذبائح كلها ترمز إلى ذبيحة المسيح، كذلك كل القرابين سواء في عيد الفصح أو غيرها.

٤ - أن الصلب كان هو الوسيلة التي بواسطتها يهزم الله بها الشيطان ويفتح للإنسان أن يعود للشركة مع الله.

٥ - أن ذلك بمقتضى عدالة الله ورحمته التي يلزم الجمع بينهما.

والرد على ذلك من وجوه:

[الوجه الأول: القول بأن قتل المسيح (الإله كما يزعمون) بدون ذنب اقترفه مثل كمثل قتل الأنبياء من قبل أعدائهم، وأخذوا مكافأة على ذلك الفعل من الله كما قرر القرآن.]

وللرد على ذلك نقول أن الأنبياء هم بشر اصطفاهم الله ومن قبل عن النبيين وهو صابر، فإن أولئك صبروا حتى قتلوا واستشهدوا فأثابهم الله على ذلك بخلاف النصارى فإنها تعتقد أن المسيح إله، ولو أنَّها قالت بنبوة المسيح وادعت أنه صُلب لكان بالإمكان مناقشة الأمر على اعتبار أن المسيح بشر، وقد يتعرض لما يتعرض له البشر (١).

فالنصارى يرون في صلب المسيح كما يقولون عملية فداء للبشرية وخلاص، ولكن إذا كان المسيح إلهًا فهل صلبه برهان على ألوهيته؟

فأخبرونا مَنِ الذي كان يقوم برزق الأنام والأنعام في تلك الأيام؟ ، وكيف كان حال الوجود والإله في اللحود؟ ! ومَن الذي دَبَّر السماء والأرض وخلقه فيها بالبسط والقبض


(١) العقيدة النصرانية بين القرآن والإنجيل لحسن الباشا ١/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>