للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاملة، ولم يكن يأخذ نفسه أو يأخذ الناس بما يأخذهم به عمر، لكن الناس وإن رغبوا في الشوط الأول من خلافته لأنه لان معهم، وكان عمر شديدًا عليهم، حتى أصبحت محبته مضرب المثل: (أحبك الرحمن حب قريش عثمان). فقد أنكروا عليه بعد ذلك (١).

الوجه الثاني: المآخذ التي أخذوها على عثمان - رضي الله عنه، فسوغوا لأنفسهم الخروج عليه بها (٢).

أولًا: عدم شهوده غزوه بدر:

والجواب عليه من هذه الوجوه:

الوجه الأول: أنه تخلف عنها بأمر الني - صلى الله عليه وسلم - لتمريض رقية زوجته: فقد وافق خروج الناس لبدر أن كانت رقية ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي زوجة عثمان مريضة قعيدة الفراش، وفى أمس الحاجة إلى من يمرضها ويرعى شأنها، وخير من يصلح لذلك هو زوجها لأن الزوجة لا تكتمل حريتها عند غير زوجها لذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجها عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بالبقاء في المدينة بجانب زوجته ليقوم بتمريضها، وضرب له بسهمه، فعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: (إنما تغيب عثمان عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت مريضة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - " إن لك أجر رجل ممن شهد بدرًا وسهمه" (٣).

وبذلك يتبين أن عثمان - رضي الله عنه - لم يشهد غزوة بدر، ولكنه كمن شهدها لضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - له بسهم من الغنيمة والأجر فيها.

قال أبو نعيم: "وإن طُعن عليه بتغيبه عن بدر، وعن بيعة الرضوان، قيل له: الغيبة التي يستحق بها العيب: هو أن يقصد مخالفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأن الفضل الذي حازه أهل بدر في شهود بدر؛ طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومتابعته، ولولا طاعة الرسول ومتابعته لكان كل من شهد بدرًا من الكفار كان لهم الفضل والشرف، وإنما الطاعة التي بلغت بهم الفضيلة، وهو كان - رضي الله عنه - خرج فيمن خرج فردَّه الرسول - صلى الله عليه وسلم - للقيام على ابنته، فكان في أجلِّ فرض، لطاعته


(١) تحقيق موقف الصحابة الفتنة (١/ ٣٦٣) ملخصًا.
(٢) منهاج السنة النبوية لابن تيمية (٦/ ٢٣٩ - ٢٩٩)، فتنة مقتل عثمان للغبان (١/ ٥٩ - ١١٢)، تحقيق موقف الصحابة في الفتنة (١/ ٤١٣ - ٤٦٤).
(٣) البخاري (٣١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>