للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإسلام تمسكًا تلازمه الشدة والتعصب للرأي، والغلو في الدين وتأويل النصوص تأويلًا يناسب مزاجهم، لا يفهمون من الأمور إلا ظواهرها، وهؤلاء هم الفرار سلف الخوارج، ولقد استخدم عبد الله كلًّا من الصنفين الأخيرين فخرجوا معه بدون علم، وبهذه المظاهر التي تظاهر بها عبد الله بن سبأ (١).

ثالثًا: طبيعة التحول الاجتماعي في عهد عثمان - رضي الله عنه -.

لقد شهدت خلافة عثمان - رضي الله عنه - تطورات خطيرة في حياة الدولة الإسلامية فقد حكم عثمان الدولة الإسلامية بعد أن تحولت من دولة محددة النطاق تقوم في المدينة المنورة، وتحكم شبة جزيرة العرب، إلى دولة عالمية يمتد سلطانها ليشمل إلى ذلك مماليك الطرق والشام ومصر وإفريقية وأرمينية وبلاد فارس، وبعضًا من جزر البحر الأبيض المتوسط، وقد ظهر نتيجة هذا التحول في طبيعة الدولة وأجناس الخاضعين لها والمنتمين إلى دينها جيل جديد من المسلمين يعتبر في مجموعة أقل من الجيل الأول الذي حمل على كتفيه عبء بناء الدولة وإقامتها، فقد تميز الجيل الأول من المسلمين بقوة الإيمان والفهم السليم لجوهر العقيدة الإسلامية والاستعداد التام لإخضاع النفس لنظام الإسلام المتمثل في القرآن والسنة، وكانت هذه المميزات أقل ظهورًا في الجيل الجديد الذي وجد نتيجة للفتوحات الواسعة وظهرت فيه المطامع الفردية وبعثت فيه العصبية، والأقوام وهم يحملون رواسب كثيرة من رواسب الجاهلية التي كانوا عليها، ولم ينالوا من التربية الإسلامية على العقيدة الصحيحة السليمة مثل ما نال الرعيل الأول من الصحابة، فلهذا كان التحول له أثر في الفتنة حيث إنهم يميلون مع العواطف والشائعات بدون تثبيت في الأحكام (٢).

رابعًا: مجيء عثمان - رضي الله عنه - بعد عمر - رضي الله عنه -، واختلاف الطبع بينهما؛

فقد كانت معاملة عثمان للرعية بخلاف معاملة عمر - رضي الله عنه -، فقد كان عمر- رضي الله عنه - قوي الشكيمة، شديد المحاسبة لنفسه ولمن تحت يده، وقد كان عثمان ألين طبعًا وأرق في


(١) تحقيق موقف الصحابة في الفتنة (١/ ٣٤٠) وما بعدها ملخصًا.
(٢) تحقيق موقف الصحابة في الفتنة (١/ ٣٥٥) وما بعدها ملخصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>