للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو حمام أو قبر، وأجعل السكينة في قلوبكم، وأجعلكم تقرؤون التوراة عن ظهر قلوبكم، يقرؤها الرجل والمرأة، والحر، والعبد، والصغير، والكبير، فقال ذلك موسى لقومه، فقالوا: لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس، ولا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا، ولا نستطيع أن نقرأ التوراة عن ظهور قلوبنا، ولا نريد أن نقرأها إلا نظرًا، فقال الله تعالى: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فجعلها الله لهذه الأمة.

فقال موسى عليه السلام: يا رب اجعلني نبيهم، فقال: نبيهم منهم، قال: رب اجعلني منهم فقال: إنك لن تدركهم، فقال موسى عليه السلام: يا رب أني أتيتك بوفد بني إسرائيل فجعلت وفادتنا لغيرنا، فأنزل الله تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: ١٥٩]، فرضي موسى (١).

قلت: هذا الكلام هو من كلام نوف البكالي بغض النظر عن مصدرية هذا الكلام لكنه يكشف عن أحوال تدل على اهتمام موسى عليه السلام وقومه بأمر محمد - صلى الله عليه وسلم -.

ورواية نوف البكالي هذه من الأخبار الإسرائيلية، فقد كان نوف راويا للقصص، وهو ابن زوجة كعب الأحبار، وله ترجمة في تهذيب الكمال (٢).

[الوجه الثالث]

نجد أن الآيات الكريمة وردت في سياق حديث القرآن الكريم عن قوم موسى عليه السلام، ومن منهم أدرك محمدًا وآمن بدعوته. وكيف يعرفون محمدًا؟ . . وتجيبهم الآية أنه ذلك النبي الذي يجدونه بصفاته مذكورًا في كتبهم. وما هي تلك الصفات؟ . . وتجيبهم الآية إنه مذكور بأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، وأنه يأمرهم بالمعروف، ومكارم الأخلاق، وينهاهم عن المنكر من أفعالهم، ويحل لهم من الطيبات ما حرم عليهم في شريعتهم، ويحرم عليهم


(١) معالم التنزيل ٣/ ٢٨٨.
(٢) تهذيب الكمال (٦٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>