للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدث الوفاة وهي عليكم، ومن بعد إنفاذ وصاياكم الجائزة التي توصون بها (١).

فهذه فريضة الميراث الذي سببه العصمة، وقد أعطاها الله حقها المهجور عند الجاهلية، إذ كانوا لا يورثون الزوجين، فكانت المرأة لا ترث زوجها؛ بل كانت تعد موروثة عنه يتصرف فيها ورثته. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} فنوه الله في هذه الآيات بصلة العصمة، وهي التي وصفها بالميثاق الغليظ في قوله: "وأخذن منكم ميثاقا غليظا" (٢).

١٥ - حفظ الزوجة وصيانتها: من حقوق المرأة حفظها من كل ما يسئ إليها بالقول أو الفعل ويخدش حياءها وكرامتها، فمن ذلك ألا يسبها أو يلعنها أو يؤذيها بسيء الأقوال، وكذلك ألا يهجرها إلا بالحق، وألا يضربها إلا برفق، ضربًا غير مبرح، ولو اتبع الزوج نصيحة القرآن الكريم في إصلاح الأسرة؛ لاستغنى عن كثير من الأمور التي عاقبتها الطلاق، أو الحياة المضطربة المتوترة التي تخلو من المودة والرحمة والسكن، ولذلك كان من حقها أن يجنبها أسباب الفتن ومواضع الشبهات، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: "ذبوا بأموالكم عن أعراضكم، قالوا: يا رسول الله كيف نذب بأموالنا عن أعراضنا؟ قال: يعط الشاعر ومن تخافون لسانه" (٣). فمن حق الزوجة على زوجها، أن يحمي عرضها ويجنبها مجالس السوء، ويعالج الأحقاد والدسائس بحكمة، ويحذر إشاعة أسرارها وأحوالها الخاصة، ويحمي عرضه بماله ونفسه (فمن مات دون عرضه فهو شهيد) وهذا يحتاط منه نساء العلماء والدعاة بخاصة، حيث يتربص أهل الأحقاد والفجور، فيعملون على تشويه صورة أهل العلم، ومن تدبر قصة الإفك لاستخرج منها عبرًا وعظات دالة على تربص المنافقين وأهل


(١) تفسير الطبري (٣/ ٢٨٣).
(٢) التحرير والتنوير (٤/ ٢٦٣).
(٣) صححه الألباني في الصحيحة (١٤٦١)، وهو في كنز العمال (٨٧٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>