للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم: قال حرب: سمعت الإمام أحمد بن حنبل يقول: يأخذ الرجل من مال ولده ما شاء، وإن كان غنيًّا (١). فتكون الأم من باب أولى بالنفقة، لأن حقها أعظم من حق الأب كما بينا.

حقها بعد موتها: لا يتوقف حق الوالدين على حياتهما؛ بل يظل إلى ما بعد موتهما قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له) (٢)، ويشمل هذا الدعاء عند صلاة الجنازة: الاستغفار لهما وسؤال الله تعالى الرحمة لهما، والوفاء بوصيتهما بما يوافق شرع الله، والإحسان لأقاربهما وأصدقائهما (٣).

سادسًا: حق المرأة في عبادة الله: يقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (النحل ٩٧)، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات ١٣)، وقال سبحانه: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: ١٩٥)، جعل الله المرأة نصف الحياة، ولذا لم يكن قبل الإسلام ذكر للمرأة ومنزلتها، ففي الوقت الذي كانت أوروبا غارقة في الظلمات، وتبحث هل المرأة جسد وروح أم جسد فقط؟ وهل هي إنسان أم شيطان؟ فجاء الإسلام ليزيح عنها تراب الجاهلية، وجبال الضلال والشرك، وبدد الإسلام ستائر الظلمات التي أحاطت بأخلاق المرأة ووضعها، وتحقير الإنسان حينئذ لها، فلهذا كان من اللازم أن يحمي الإسلام حق المرأة في عبادة الله، دون إكراه، أو تضييق، فلها الحق في توحيد الله دون إكراه لها على الشرك والضلالات، قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: ٣٤). ويقول تعالى في بيان صفة المرأة المسلمة الصادقة: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ


(١) جامع الفقه (٤/ ٦٢٦).
(٢) مسلم (١٦٣١).
(٣) حقوق الإنسان في ضوء الكتاب والسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>