للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على ما قلنا: أنه لو صح قولهم لما ظهرت المعجزات على يد عيسى - عليه السلام - لأن الله تعالى لا يصدق بالمعجزة من كذب موسى، فإن أنكروا معجزة عيسى لزمهم ذلك في معجزة موسى، فإن اعترفوا ببعض معجزاته لزمهم تكذيب من نقل عن موسى - عليه السلام - لأنه قال: لا نبي بعدي (١).

قال الآمدي: وما ذكروه من قول موسى، فمختلق لم تثبت صحته عن موسى - عليه السلام -.

وقد قيل: إن أول من وضع ذلك لهم ابن الراوندي؛ ليعارض به دعوى الرسالة من محمد - صلى الله عليه وسلم -، لما ظهر من تسمحه في الدين. (٢)

الوجه الثاني: أن اليهود ما كانوا يحتجون على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بشيء من هذا خاصةً من أسلم منهم، فلو كانت هذه الدعوى صحيحة لحاجُّوا بها أفضل الرسل - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن الجوزي: ومما يدل على كذبهم فيما ادعوا أن اليهود ما كانوا يحتجون على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بكل شيء، وكان نبينا مصدقًا لموسى - عليه السلام -، وحكم عليهم بالرجم عملًا بما في


= والإسلام يحتج لهم فيها على إبطال نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى غير ذلك من الكتب التي تبين خروجه عن الإسلام، نقل ذلك ابن الجوزي عنه.
قال ابن الجوزي: وإنما ذكرته ليعرف قدر كفره، فإنه معتمد الملاحدة والزنادقة. - وقد ذكر ابن الجوزي طرفًا من كلامه في معارضته للقرآن في كتابه الدامغ، ثم قال بعدها: وقد ذكر الملعون أشياء من هذا الجنس مزجها بسوء الأدب، والانبساط القبيح، والذكر للخالق سبحانه وتعالى بما لا يصلح أن يذكر به أحد العوام، وما سمعنا أن أحدًا عاب الخالق وانبسط كانبساط هذا اللعين قبله ويلومه لو جحد الخالق كان أصلح له من أن يثبت وجوده، ثم يخاصمه ويعيبه وليس له في شيء مما قاله شبهة، فضلًا عن حجة فتذكر ويجاب عنها، وإنما هو خذلان فضحه الله تعالى به في الدنيا، والله تعالى يقابله يوم القيامة مقابلة تزيد على مقابلة إبليس، وإن خالف، لكنه احترم في الخطاب كقوله: "بعزتك" ولم يواجه بسوء أدب كما واجه هذا اللعين، جمع الله بينهما، وزاد هذا من العذاب. المنتظم (١٣/ ١١٧: ١٠٨)، وانظر: الوافي بالوفيات (٣/ ١٠١)، سير أعلام النبلاء (١٤/ ٦٢: ٥٩)، ولسان الميزان (١/ ٣٢٣).
(١) نواسخ القرآن (٨٢).
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (٣/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>