[أولا: بعض الكرامات التي أكرم الله بها صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -]
١ - نصرتهم على عدوهم من جميع الأجناس بعد موت نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، رغم قلة عَدَدهم وعُدَّتهم. ومن وقف على فتوحات الشام علم أن دين الحق هو دين الإسلام، فلقد اجتمع عليهم من عدوهم بالشام ثلاثُمائةِ ألفٍ ونحوها؛ بل قد قال الواقدي ثمانمائة ألف من النصارى المستعربة، وغيرهم وهم زهاء ثلاثين ألفًا بخيلهم ورجِلهم، فقارعوهم مقارعة الكرام، وصبروا صبر من صدق ما وعده به نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، فأظفرهم الله عليهم ومنحهم رقابهم، وأورثهم أموالهم وديارهم.
وهكذا فعل الله معهم غيرَ مَا مرَّةٍ، ولا يشك في أن هذا كرامةٌ من الله لهم، وأمرٌ خارق للعادة في حقهم، فإن العادة أن مَن أكثر من مقارعة الشجعان فلا بد له من أن يصاب، ولو في وقت من الزمان، وما اتفق لهم، وإن كان كرامة لهم فهو آية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه قد كان بَشَّرَهُمْ بذلك وأخبرهم بكل ما طرأ لهم هنالك.
فقد ثبت عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يَأْتِي زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ. فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ. فَيُفْتَحُ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ صَاحِبَ أَصْحَابِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ. فَيُفْتَحُ". (١)
وأيضا حدثت كرامات لآحاد الصحابة - رضي الله عنهم -، لا ينقضي العجب منها:
٢ - أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ بَيْنَمَا هُوَ لَيْلَةً يَقْرَأُ فِي مِرْبَدِهِ؛ إِذْ جَالَتْ فَرَسُهُ فَقَرَأَ ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا قَالَ أُسَيْدٌ: فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، فَقُمْتُ إِلَيْهَا، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا قَالَ: فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. . . فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "تِلْكَ الْمَلائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ