٢ - صعوبة رؤية الملائكة نسبة لاختلاف طبيعة الملائكة وطبيعة البشر؛ إذ الاتصال بالملائكة فيه عناء وجهد شديدين لا يحتمله جميع البشر، فقد جاء في الحديث إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعاني من التنزيل شدة، وكان إذا نزل عليه الوحي تغير لونه، وتصبب عرقه، وارتعدت فرائصه، وكان من حوله يرون ذلك فيه، فكان إرسالى الرسل من البشر ضروريًا كي يتمكنوا من مخاطبتهم، والفقه عنهم والاختلاط بهم، ولو أرسل الله ملائكة لما أمكنهم ذلك.
٣ - إن الرسالة تقوم على تكليف المرسل إليهم ودعوتهم لامتثال ما يأمرهم به الرسول، فلو كان الرسول من الملائكة لأمكن الناس أن يحتجوا بعدم قدرتهم على هذه التكاليف نسبة لاختلاف طبيعة اللك المرسل؛ إذ يرون أنهم لا يستطيعون تحمل تلك التكاليف؛ لأنها لا تناسب طبيعتهم، لذا قال الله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (٩٤) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (٩٥)} [الإسراء: ٩٤، ٩٥].
[المبحث الثالث: وظائف الرسل]
لقد اصطفى الله تعالى رسله للقيام بوظائف محددة باعتبارهم سفراء الله تعالى إلى عباده وحملة وحيه وتتمثل هذه الوظائف في الآتي:
أولًا: البلاغ المبين: وهذه الوظيفة بالضرورة هي المهمة الأساسية للرسل إذ ما بعثهم الله تعالى إلا لإبلاع الناس ما نزل إليهم من ربهم وقد جاء في القرآن الكريم ثلاث عشرة آية تنص على أن مهمة الرسول إنما هي (البلاغ) وقال الله تعالى آمرا رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[المائدة: ٦٧]، والبلاغ يحتاج إلى الشجاعة وعدم الخوف من الناس، لأن الرسول يأتي بما يخالف أهواء الناس ويهدد مركز قادتهم وكبراءهم المسيطرين على الناس بالباطل ويأمرهم بما يستنكرون ويكرهون لأنه خلاف ما اعتادوه، لذلك امتدح الله تعالى رسله قائلًا:{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ}[الأحزاب: ٣٩].