أثار هؤلاء شبهاتٍ في الآياتِ، الله يرمي، ويقتل، ويقاتل، ويحارب في الحروب: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧)} [الأنفال: ١٧].
والجواب عن ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: آجال العباد بيد الله تعالى]
الأجل بيد الله تعالى، فهو الذي حدد لكل إنسان أجله، فعندما رمى الرامي قد يصيب برميته بإذن الله تعالى، وقد لا يصيب برميته أيضًا بإذن الله تعالى، فعاد الرمي والقتل بيد الله عز وجل، وليس للمخلوق؛ قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤)} [الأعراف: ٣٤]، قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٦١)} [النحل: ٦١].
عَنْ عَبْدِ الله قَال: قَالتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: اللهمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ، قَال؛ فَقَال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ سَأَلْتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَنْ يُعَجِّلَ شيئًا قَبْلَ حِلِّهِ، أَوْ يُؤَخِّرَ شيئًا عَنْ حِلِّهِ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ الله أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَاب فِي النَّارِ أَوْ عَذَاب فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ". (١)
[الوجه الثاني: تفسير الآية]
قال الطبري: القول في تأويل قوله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.