قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله ممن شهد بدرًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقاتل أعداء دينه معه من كفار قريش: فلم تقتلوا المشركين أيها المؤمنون أنتم، ولكن الله قتلهم.
وأضاف - جل ثناؤه - قتلهم إلى نفسه، ونفاه عن المؤمنين به الذين قاتلوا المشركين؛ إذ كان - جل ثناؤه - هو مسبِّب قتلهم، وعن أمره كان قتال المؤمنين إياهم، ففي ذلك أدلُّ الدليل على فساد قول المنكرين أن يكون لله في أفعال خلقه صُنْعٌ به وَصَلوا إليها.
وكذلك قوله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، فأضاف الرميَ إلى نبي الله، ثم نفاه عنه، وأخبر عن نفسه أنه هو الرامي، إذ كان جل ثناؤه هو الموصل المرميَّ به إلى الذين رُمُوا به من المشركين، والمسيِّب الرمية لرسوله.
فيقال للمنكرين: ما ذكرنا قد علمتم إضافة الله رَمْيِ نبيه - صلى الله عليه وسلم - المشركين إلى نفسه، بعد وصفه نبيَّه به، وإضافته إليه، وذلك فعلٌ واحد، كان من الله تسبيبه وتسديده، ومن رسول الله" - صلى الله عليه وسلم - الحذفُ والإرسال، في تنكرون أن يكون كذلك سائر أفعال الخلق المكتسبة من الله الإنشاء والإنجاز بالتسبيب، ومن الخلق الاكتسابُ بالقُوى؟ فلن يقولوا في أحدهما قولًا إلا ألزموا في الآخر مثله، وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل (١).