للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: أنها منسوخة.

قال الرازي: فإن تلك القراءة بتقدير ثبوتها لا تدل إلا على أن المتعة كانت مشروعة، ونحن لا ننازع فيه، إنما الذي نقوله: إن النسخ طرأ عليه. (١)

ثالثًا: عارضها أقوى منها فالعمل عليه وهو قول الجمهور.

لو قلنا أنه يحتج به، كالاحتجاج بخبر الآحاد كما قال به قوم، أو على أنه تفسير للآية بذلك، فهو معارض بأقوى منه؛ لأن القرآن على خلافه لقوله سبحانه وتعالى في آيتي المؤمنون والمعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (المؤمنون ٥: ٧)؛ إذ كلتاهما تدلان على تحريم المتعة وهما ترشدان أيضًا إلى أن آية النساء غير واردة في المتعة وبالتالي يسقط الاستدلال بخبر آحاد عورض بنص قرآني، ولأن الأحاديث الصحيحة الصريحة قاطعة بكثرة بتحريم نكاح المتعة، وصرح -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن ذلك التحريم دائم إلى يوم القيامة، كما ثبت من حديث سبرة بن معبد الجهني -رضي اللَّه عنه- أنه غزا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم فتح مكة. فقال: "يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن اللَّه قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا" (٢)، وجمهور العلماء على خلافه (٣).

رابعًا: أن الدليلين إذا تساويا في القوة وتعارضا في الحل والحرمة قدم دليل الحرمة منهما:

هذه القراءة على الرغم من شذوذها ومعارضتها بأقوى منها فلو فرضنا جدلًا أن الدليلين متساوي الثاني القوة وتعارضا في الحل والحرمة يلزم تقديم دليل الحرمة منهما؛ لأن


(١) تفسير الرازي (١٠/ ٥٣)، وأضواء البيان (١/ ٢٨٣).
(٢) أخرجه مسلم (١٤٠٦).
(٣) أضواء البيان (١/ ٢٨٤)، وروح المعاني (٥/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>