للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين، ومن مقاصد الشريعة الكلية: المحافظة على النسب، وبنوك الحليب مؤديةٌ إلى الاختلاط أو الرّيبة.

٣ - أن العلاقات الاجتماعية في العالم الإسلامي توفر للمولود الخداج (١) أو ناقص الوزن أو المحتاج إلى اللبن البشري في الحالات الخاصة ما يحتاج إليه من الاسترضاع الطبيعي، الأمر الذي يغني عن بنوك الحليب، وبِناءً على ذلك قرر:

أولًا: منع إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي.

ثانيًا: حرمة الرضاع منها، واللَّه أعلم (٢).

[الوجه الثالث: في الحكمة من تحريم الرضاع وجعله كالنسب.]

كثير من الأحكام الشرعية قد تظهر لنا الحكمة منها وقد لا تظهر، فاللَّه سبحانه وتعالى ما أمرنا بشيءٍ إلا وفيه الخير، وما نهانا عن شيءٍ إلا وفيه الشر، وكذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالحكمة في تحريم الرضاع وجعله كالنسب واضحة لكل عاقلٍ في أن الطفل لا يعلم شيئًا وبفطرته التي جعلها اللَّه فيه يبحث عما يسدّ ألم الجوع، قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل: ٧٨)، فأول ما يشعر به الطِّفل ألم الجوع وألم البرد، وأول ما يُلهَمه امتصّ حلمة الثدي، ثم تزيد الإدراكات فيسمع ويبصر من غير تمييز بين مُدرَكٍ وآخرَ، ثم يميز بين مرضعته وغيرها، حتّى إنّ بعض الأطفال الذين يُعوَّدون على الرضاع من امرأة واحدة إذا اتّفق أن حاولت مرضعٌ أخرى إرضاع أحدهم يأباها وينفر منها (٣)، وفي قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ


(١) الخداج بمعنى: النقصان، لسان العرب (٢/ ٢٤٨).
(٢) مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدّة، الدورة الثانية لمؤتمر مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثاني، نقلًا عن "الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُه" (٧/ ١٠٧).
(٣) مجلة المنار (٥ ذو الحجة - ١٣١٦ هـ، ١٥ إبريل - ١٨٩٩ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>