للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولادُ المرضعة من غيره إخوتُه وأخواتُه لأمه، وصار آباؤها أجدَادَهُ، وجَدَّاتِه، وصارَ إخوة المرأة وأخواتُها أَخوالَه وخالاتِه، وإخوةُ صاحب اللبن وأخَواتُه أعمامه وعَمَّاتِه (١)، فَحُرْمَةُ الرَّضَاعِ تنتشر من هذه الجهات الثلاث فقط (٢).

فهذه حرمة الرضاع والآثار المترتبة عليه، والناس قد غلب عليهم التساهل في أمر الرضاعة؛ فيرضعون الولد من امرأةٍ أو عدة نسوةٍ، ولا يعنون بمعرفة أولاد المرضعة، وأخواتها، ولا أولاد زوجها من غيرها؛ ليعرفوا ما يترتب عليهم في ذلك من الأحكام كحرمة النكاح، وحقوق هذه القرابة الجديدة التي جعلها الشارع كالنسب، فكثيرًا ما يتزوج الرجل أخته، أو عمته، أو خالته من الرضاعة وهو لا يدري، والواجب الاحتياط في هذا الأمر حتى لا يقع الإنسان في المحظور (٣)، ومن الأمور التي ينبغي أن ننبه عليها في هذا المقام ما يعرف (ببنوك الحليب)، ولما كان التساهل في هذه البنوك واختلاط ألبان الأمهات؛ فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من (١٠ - ١٦ ربيع الثاني ١٤٠٦ هـ/ ٢٢ - ٢٨ ديسمبر ١٩٨٥ م) بعد أن عرض على المجمع دراسةً فقهيةً، ودراسةً طبّيةً حول بنوك الحليب:

وبعد التأمل فيما جاء في الدراستين ومناقشة كلٍ منهما مناقشةً مستفيضةً شمِلت مختلِف جوانب الموضوع تبين:

١ - أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية، ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية، والعلمية فيها فانكمشت وقلَّ الاهتمام بها.

٢ - أن الإسلام يعتبر الرضاع لحُمةً كلُحمةِ النسب يَحرُم به ما يَحرُم من النسب بإجماع


(١) ودليل ذلك حديث عائشة رضي اللَّه عنها: (أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا -وَهُوَ عَمُّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ- بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ فَأَبيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَخْبَرْتُهُ بالَّذِي صَنَعْتُ فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ) البخاري (٥١٠٣).
(٢) زاد المعاد (٥/ ٥٥٦)، انظر المغني (٩/ ١٩٩ - ٢٠١).
(٣) تفسير المنار (٤/ ٤٧٠)، فقه السنة (٢/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>