للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - إحراق ما عدا هذه النسخ: كما في حديث حذيفة - رضي الله عنه -: "فرد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق" (١).

وأخيرًا: الفرق بين جمع القرآن في مراحله الثلاثة.

تستطيع مما سبق أن تفرق بين مرات جمع القرآن في عهوده الثلاثة: عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعهد أبي بكر - رضي الله عنه -، وعهد عثمان - رضي الله عنه -، فالجمع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عبارة عن كتابة الآيات وترتيبها ووضعها في مكانها الخاص من سورها ولكن مع بعثرة الكتابة وتفرقها بين عسب، وعظام، وحجارة، ورقاع، ونحو ذلك حسبما تتيسر أدوات الكتابة، وكان الغرض من هذا الجمع زيادة التوثق للقرآن وإن كان التعويل يومئذ على الحفظ والاستظهار. أما الجمع في عهد أبي بكر - رضي الله عنه - فقد كان عبارة عن نقل القرآن، وكتابته في صحف مرتب الآيات أيضًا مقتصرًا فيه على ما لم تنسخ تلاوته مستوثقًا له بالتواتر والإجماع، وكان الغرض منه تسجيل القرآن وتقييده بالكتابة مجموعًا مرتبًا خشية ذهاب شيء منه بموت حملته وحفاظه. وأما الجمع في عهد عثمان - رضي الله عنه - فقد كان عبارة عن نقل ما في تلك الصحف في مصحف واحد إمام، واستنساخ مصاحف منه ترسل إلى الآفاق الإسلامية، ملاحظا فيها تلك المزايا السالف ذكرها، مع ترتيب سوره وآياته جميعا، وكان الغرض منه إطفاء الفتنة التي اشتعلت بين المسلمين حين اختلفوا في قراءة القرآن، وجمع شملهم، وتوحيد كلمتهم، والمحافظة على كتاب الله من التغيير والتبديل (٢).


(١) البخاري (٤٧٠٢).
(٢) مناهل العرفان ١/ ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>